ولربما أنكره بعد ذلك إما عنادا وإما جهلا لعدم الذوق السليم عنده، ثم ذكر منه امثلة، منها لفظ شرنبثة «١» من قول الفرزدق:
ولولا حياء زدت رأسك شجّة ... إذا سبرت ظلّت جوانبها تغلى
شرنبثة شمطاء من يرما بها ... يشبه ولو بين الخماسيّ والطّفل
قال: فلفظة شرنبثة من الألفاظ الغريبة التي يسوغ استعمالها في الشعر، وهي ها هنا غير مستكرهة، إلا أنها لو وردت في كلام منثور من كتاب أو خطبة، لعيبت على مستعملها.
ومنها لفظة مشمخرّ «٢» الواردة في أبيات بشر في وصفه لقاءه الأسد حيث قال:
وأطلقت المهنّد عن «٣» يميني ... فقدّ له من الأضلاع عشرا
فخرّ مضرّجا بدم كأنّي ... هدمت به بناء مشمخرّا
وكذلك في قول البحتريّ في قصيدته التي يصف فيها إيوان كسرى:
مشمخرّ تعلو له شرفات ... رفعت في رؤوس رضوى وقدس
فإن لفظة مشمخرّ لا يحسن استعمالها في الخطب والمكاتبات، ولا بأس بها في الشعر؛ وقد وردت في خطب الشيخ الخطيب ابن نباتة «٤» كقوله في خطبة يذكر فيها أهوال يوم القيامة: اقمطرّ «٥» وبالها، واشمخرّ نكالها، فما طابت ولا ساغت.
ومنها لفظة الكنهور «٦» من أوصاف السحاب كقول أبي الطّيّب: