فإن يبرأ فلم أنفث عليه ... وإن يفقد فحقّ له الفقود
فالفقود جمع مصدر من قولنا: فقد يفقد فقدا، وليس له من الرّونق والطّلاوة ما لمفرده، وهو لفظ فقد، وإن كان جائزا من جهة العربية.
النمط الخامس-
ما يترجّح فيه الجمع في الاستعمال على الإفراد كلفظة اللّبّ الذي هو العقل، فإن استعمالها بصيغة الجمع في غاية الحسن والبهجة والطّلاوة، وقد ورد بهذه الصيغة في غير موضع من القرآن الكريم، كقوله تعالى: وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ
«١» وقوله: وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ*
«٢» إلى غير ذلك من الآيات الوارد فيها ذلك بصيغة الجمع، أما في حالة الإفراد فإنها قليلة الاستعمال مع أنها لفظة ثلاثية خفيفة على النطق، بعيدة المخارج، ليست بمستثقلة ولا مكروهة.
قال في «المثل السائر» : وإذا تأملت القرآن الكريم ودققت النظر في رموزه وأسراره وجدت هذه اللفظة قد روعي فيها الجمع دون الإفراد، فإن أضيفت أو أضيف إليها حسن استعمالها، وساغ في طريق الفصاحة إيرادها. أما إضافتها فكقول النبي صلّى الله عليه وسلّم في ذكر النساء: «ما رأيت ناقصات عقل ودين أذهب للبّ الحازم من إحداكنّ يا معشر النّساء» وأما الإضافة إليها فكقول جرير:
إنّ العيون التي في طرفها حور ... قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
يصرعن ذا اللّب حتّى لا حراك به ... وهنّ أضعف خلق الله أركانا
قال في «المثل السائر» : فإن عريت هذه اللفظة عن الجمع والإضافة لم تأت حسنة. قال: ولا تجد دليلا على ذلك إلا مجرّد الذوق السليم؛ وكذلك لفظة كوب فإنها لم ترد في القرآن الكريم إلا مجموعة، وهي وإن لم تكن مستقبحة في حالة الإفراد فإن الجمع فيها أحسن. وانظر إلى ما عليها من الطّلاوة والمائية في