كل ثقب كجحر الحيّة واليربوع ونحوهما، وعلى المحل المخصوص «١» من الحيوان، فإذا ورد مهملا بغير قرينة تخصّصه سبق إلى الفهم المعنى القبيح لاشتهاره دون غيره. ومما ورد مهملا بغير قرينة فجاء قبيحا قول أبي تمّام:
أعطيتني دية القتيل وليس لي ... عقل ولا حقّ عليك قديم
فإن المتبادر إلى الأفهام من قوله وليس لي عقل أنه من العقل الذي هو ضد الجنون، ولو قال وليس لي عليك عقل لزال اللبس. قال: فيجب إذا على صاحب هذه الصناعة أن يراعي في كلامه مثل هذا الموضع.
الصفة الثالثة أن يكون الكلام سلما من تنافر الكلمات وإن كانت مفرداته فصيحة
وقد اختلف في معنى هذا التنافر على ثلاثة مذاهب:
المذهب الأوّل- أن المراد بتنافر الكلمات أن يكون في الكلام ثقل على اللسان ويعسر النطق به على المتكلم
، وإليه ذهب السّكّاكيّ «٢» وغيره من علماء البيان.
وهو على ضربين:
الضرب الأوّل- أن يكون فيه بعض ثقل
، كقول أبي تمام:
كريم متى أمدحه أمدحه والورى ... معي، وإذا مالمته، لمته وحدي
فقوله أمدحه أمدحه فيه بعض الثّقل على اللسان في النطق، وذلك أن الحاء والهاء متقاربان في المخرج، وقد اجتمعا في قوله أمدحه، ثم تكررت الكلمة في البيت مع تقارب مخرج الحرفين فثقلت بعض الثقل.