إقدام عمرو في سماحة حاتم ... في حلم أحنف في ذكاء إياس «١»
فقال الحكيم الكنديّ: وأيّ فخر في تشبيه ابن أمير المؤمنين بأجلاف العرب؟ فأطرق أبو تمّام ثم أنشد هذين البيتين معتذرا عن تشبيهه إيّاه بعمرو وحاتم وإياس. فالحال يشهد بابتداعه هذا المعنى، فمن أتى بعده بهذا المعنى أو بجزء منه كان سارقا له، وكذلك كلّ ما جرى هذا المجرى. ولم يزل الشعراء والخطباء يقتبسون من معاني من قبلهم، ويبنون على بناء من تقدّمهم.
فمما وقع للشعراء من ذلك قول أبي تمّام:
خلقنا رجالا للتّجلّد «٢» والأسى ... وتلك الغواني للبكا والمآتم
أخذه من قول عبد الله بن الزّبير لما قتل مصعب بن الزبير: وإنما التسليم والسّلو لحزماء الرجال، وإن الجزع والهلع لربّات الحجال؛ وقوله أيضا:
تعجّب «٣» أن رأت جسمي نحيفا «٤» ... كأنّ المجد يدرك بالصّراع
أخذه من قول زياد ابن أبيه لأبي الأسود الدؤلي: لولا أنك ضعيف لاستعملتك، وقول أبي الأسود له في جواب ذلك: إن كنت تريدني للصّراع فإني لا أصلح له، وإلا فغير شديد أن آمر وأنهى، وقوله من قصيدة البيت المتقدّم:
أطال يدي على الأيّام حتّى ... جزيت صروفها «٥» صاعا بصاع
أخذه من قول أمير المؤمنين عليّ كرم الله وجهه: