وبهذا السبب جعل الله الدركات في النار متباينة حتى يأخذ (ق.٦٦.أ) كل مخلد فيها قسطه من العدل في الجزاء والمكان، فإن الله بالمرصاد، وهو سبحانه لا يظلم مثقال ذرة.
ولابد أن ننبه هاهنا على شيء يجب التنبيه عليه، وهو أن الموازنة إنما يفهم منها إلقاء شيء في الكفة الواحدة بإزاء شيء آخر في الكفة الأخرى حتى يرى (١) أي الكفتين ترجح.
هذه هي الموازنة في الدنيا، وهكذا ينبغي أن تفهم موازنة الآخرة.
فمن كان عنده خير وشر وطاعة ومعصية جعل ذلك في الكفتين، فأي الكفتين رجحت منهما كان صاحب الموازنة من أهل ذلك العمل المرجح.
فإذا تقرر هذا فنرجع إلى حال الأنبياء والكفار فنقول:
كيف تمكن الموازنة للصنفين، وكل واحد منهما ليس عنده (٢) إلا أحد الجانبين فقط.
أما الأنبياء فالخير المحض، وأما الكفار فالشر المحض، فما الذي يوزن مع الخير؟، وما الذي يوزن مع الشر؟.
ويشبه أن يقال: إن الموازنة في حق الأنبياء إنما هي إبراز أعمالهم وكشفها لهم حتى يتبين لجميعهم قدر الثواب الذي أعده الله لهم ويروا منازلهم التي يستحقونها بأعمالهم على حسب تفاضلهم ودرجاتهم.
(١) في (ب): يرى أن أي، وهو خطأ.
(٢) في (ب): له.