وخرج البخاري (١) من حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: إذا سرك أن تعلم جهل العرب فاقرأ ما فوق الثلاثين ومائة في سورة الأنعام: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلاَدَهُمْ} الأنعام: ١٤٠، إلى قوله: {وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} الأنعام: ١٤٠.
ثم قال سبحانه بعد هذا: {وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} الأنعام: ١٤٢.
وهذا خطاب للمؤمنين بأن يأكلوا مما رزقهم الله ولا يتبعوا خطوات الشيطان في التحريم والتحليل بآرائهم، كما فعله أهل الجاهلية (ق.٩٧.ب) في اتباع شياطينهم بمجرد أهوائهم.
وقوله: {َومِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً} الأنعام: ١٤٢ تقديره: وأنشأ حمولة وفرشا، ولذلك انتصب، إذ هو محمول على قوله: {وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ} الأنعام: ١٤١.
والحمولة: ما حمل عليه من الإبل والبقر.
والفرش: ما لم يحمل عليه من الصغار كالفصلان والعجاجيل والغنم (٢).
وقال ابن زيد: الحمولة: ما يركب، والفرش: ما يؤكل ويحلب (٣).
(١) صحيح البخاري (٣/ص١٢٩٧، رقم ٣٣٣٤).
(٢) رواه ابن جرير (٥/ ٣٧٣) وذكره ابن كثير (٢/ ١٨٢) عن السدي.
(٣) رواه ابن جرير (٥/ ٣٧٣) بمعناه، وذكره ابن كثير (٢/ ١٨٢) والقرطبي (٧/ ١١٢).