قاله من المشركين، فإن كانوا قريشا فقد أقروا على آبائهم (١) بالإشراك، وإن كانوا غيرهم من سائر العرب فكذلك.
وكيفما كان فقد أُطلق لفظ الإشراك على من لم تقم عليه الحجة.
وأما المدني من القرآن فينقسم أيضا باعتبار ما نحن بسبيله إلى قسمين:
أحدهما: أن يعنى بالمشركين والكفار من كان حينئذ في قيد (ق.١٠٥.أ) الحياة فهذا لا نحتج به، لأن إطلاق الكفر والشرك عليهم إنما هو بعد انتشار الشريعة في قبائلهم وثبوت الحجة عليهم, فكفرهم وإشراكهم حينئذ متيقن من جميعهم، وسواء في ذلك قريش وغيرهم من العرب.
ومثال ذلك من القرآن قوله تعالى: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا} الأنفال: ٣٠، وقوله: {وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} الأنفال: ٣٥. الآية.
وقوله: {إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ} التوبة: ٤٠، وقوله: {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ الله شَاهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ} التوبة: ١٧.
وهذه الآيات عُني بها قريش.
وأما ما يدخل فيه قريش وكافة العرب من الآيات فقوله تعالى: {قُل لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَنتَهُوا يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ} الأنفال: ٣٨. وقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
(١) في (ب): إيمانهم، وهو خطأ.