وأما آزر فلم تكن منه حماية لإبراهيم وإنما كان مع قومه عليه, ولذلك كان - عليه السلام - يخاطبهم جميعا خطابا واحدا، قال الله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ} الشعراء: ٦٩.
وقال: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ} الزخرف: ٢٦.
وقال: {وَلَقَدْ آَتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ}.
فقالوا له: {وَجَدْنَا آَبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ}، ثم قالوا: {أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ} إلى قوله: {حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آَلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ} الأنبياء: ٥١ - ٨٦.
ولم يقل تعالى: قال قومه, وإنما قال: {قَالُوا حَرِّقُوهُ} , وظاهر ذلك أنه يعود إلى أبيه وقومه.
فلما نجى الله إبراهيم من النار اعتزل الجميع منهم (ق.١١٤.ب) وتركهم على دينهم, كما حكى الله عنه في سورة مريم.
ونبينا - عليه السلام - لم يعتزل قريشا، بل كان يغاديهم ويراوحهم في المسجد الحرام ويصدع بما أمره الله تعالى بين أظهرهم, (إذ كان مأمورا بذلك) (١)، وكان عمه أبو طالب (٢) من ورائه يحميه ويحوطه على ما تقدم, ولهذا كان النبي - عليه السلام - حريصا على إسلامه, فلما مات ولم يسلم كان يستغفر له.
(١) من (ب).
(٢) سقط (أبو طالب) من (ب).