ثم قال الله لهم: {بَلْ لَّعَنَهُمُ اللَّه بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ} البقرة: ٨٨.
ولعنهم (١) هو إبعادهم عن الإيمان, كما طبع على قلوبهم أي ختم عليها.
فقد قال فيهم في آية أخرى: {بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً} النساء: ١٥٥.
ثم قال تعالى: {وَلَمَّا جَاءهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ} البقرة: ٨٩ يعني بالكتاب: القرآن العزيز, وأنه مصدق لما معهم من التوراة, وهذا الإخبار إنما هو عن (٢) اليهود الساكنين بالمدينة والمجاورين لها.
فقال الله عنهم: {وَكَانُوا مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا} البقرة: ٨٩ معنى ذلك أن اليهود كانوا من قبل، أي: من قبل الإسلام، يستفتحون على الكفار، أي: يستنصرون عليهم بالنبي المبعوث, إذ كانوا يؤذونهم, والاستفتاح هو الاستنصار, قال الله تعالى: {إن تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءكُمُ الْفَتْحُ} الأنفال: ١٩ أي النصر.
وقوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ} البقرة: ٨٩ أي: جاء اليهود ما عرفوه من بعث النبي - عليه السلام - , إذ كانوا يعرفونه بصفته وزمانه كفروا به حينئذ بغيا منهم, كما ذكره الله تعالى في الآية التالية لهذه.
(١) في (ب): واللعن.
(٢) في (ب): من.