إذا حشرت واقتص من بعضها لبعض, كما قال - عليه السلام -: «يُقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء» (١)، أعدمت حينئذ (٢) , وقيل لها: كوني ترابا.
وذلك هو (٣) معنى قول الكافر: يا ليتني كنت ترابا, فإنه إذا عاين البهائم قد رجعت ترابا تمنى (لنفسه مثل) (٤) ذلك ليستريح من العذاب النازل به.
وإذا ثبت أن بني آدم لا يصح إعدامهم فلا يخلو الأصناف الأربعة منهم من أحد أمرين:
إما أن يكونوا بعد استقرار أهل الجنة في الجنة، واستقرار أهل النار في النار مع أهل الجنة أو مع أهل النار, إذ لا موضع في الآخرة لاستقرار الخلق سوى الجنة والنار.
فإن أهل الأعراف إنما يكون توقيفهم مدة من الزمان ثم يدخلون الجنة, كما أن المؤمنين إذا خلصوا من النار يحبسون على قنطرة بين الجنة والنار, كما جاء في الحديث: «حتى يقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا, وحينئذ يدخلون الجنة» (٥).
وإذا لم يكن في الآخرة موضع استقرار سوى الجنة والنار، وصح بقاء من تكلمنا عليه من بني آدم صح أنهم لا محالة في أحد الموضعين, وكونهم في
(١) رواه مسلم (٢٥٨٢) والترمذي (٢٤٢٠) وأحمد (٢/ ٢٣٥ - ٣٢٣ - ٣٧٢ - ٤١١) وابن حبان (٧٣٦٣) والبيهقي (٦/ ٩٣) وغيرهم عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة ..
(٢) نقله القرطبي (١٩/ ٢٢٩) عن ابن عباس.
(٣) في (ب) مكان "وذلك هو": وقالوا إن هذا هو.
(٤) كتب في هامش (أ)، وعليه علامة التصحيح، وسقط من (ب).
(٥) تقدم.