وهكذا فعل - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مع سعد بن أبي وقاص، إذ قال له: فما لك عن فلان؟، فو الله إني لأراه مؤمنا، فإنه - عليه السلام - قال له: «أو مسلما؟» (١)، فأعاد سعد قوله وأعاد - عليه السلام - قوله ثلاثا.

وكأنه يقول لسعد: ولِمَ تحكم عليه بالإيمان الذي هو باطن لا تعلمه دون الإسلام الذي هو الاستسلام بظاهره.

ومن هذا الباب قوله - عليه السلام -: «إن كان أحدكم مادحا أخاه لا محالة فليقل: أحسب فلانا، إن كان يرى أنه كذلك، ولا أزكي على الله أحدا» (٢).

هذا كله على معنى الهروب عن القطع على المغيبات، فإن ذلك لا ينبغي إلا لنبي ينزل عليه الوحي.

وإذا كان الأمر هكذا فيحمل قوله لعائشة: «أو غير ذلك، أو ما يدريك يا عائشة» على هذا المعنى الذي ذكرناه، كأنه يقول لها إذا خلق الله للجنة أهلا وخلق للنار أهلا، فما يدريك أن الصبيان من هؤلاء أو من هؤلاء (٣).

ولا نشترط (٤) أن يكون النبي - عليه السلام - غير عالم (ق.١٢٦.ب) حينئذ بمآل الصبيان، فإنه كما يمكن أن يكون الأمر كذلك يمكن أيضا أن يكون - عليه السلام -

(١) رواه البخاري (٢٧ - ١٤٠٨) ومسلم (١٥٠) وغيرهما عن سعد بن أبي وقاص.
(٢) رواه البخاري (٢٥١٩ - ٥٨١٠ - ٥٧١٤) ومسلم (٣٠٠٠) وابن ماجه (٣٧٤٤) وأحمد (٥/ ٤١) وابن حبان (٥٧٦٧) والبيهقي (١٠/ ٢٤٢) عن أبي بكرة.
(٣) في (ب): أو هؤلاء.
(٤) في (ب): يشترط.