فإن اختبارهم بالحسنات والسيئات) (١) مما يؤذن بإيمانهم، ولم يتعرض في الآية إلى ذكر الكفار.
يبين ذلك أنه تعالى ذكر قسما ثالثا منهم فقال: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا} الأعراف: ١٦٩. الآية.
وليس في ذلك ما يدل على التكفير لهم، أعني لهذا القسم الثالث، لكن ذمهم سبحانه بإخلادهم إلى أخذ عرض الدنيا وإخبارهم أنه سيغفر لهم، وهم لم يسلكوا الطريق التي توجب لهم المغفرة، ولا تابوا من ذنوبهم.
دل على ذلك قوله: {وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِّثْلُهُ يَأْخُذُوهُ} الأعراف: ١٦٩.
ولم يذم سبحانه الطبقة الثانية من حيث رجا رجوعهم إلى الصلاح المجرد بقوله: {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}.
ومقصودنا من هذا كون الله تعالى قال فيهم: {وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ} الأعراف: ١٦٨، كما قال عن الجن: {وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ} الجن: ١١.
فكما كان أولئك مؤمنين فكذلك هؤلاء ولا فرق.
وأما الكفار من الجن فهم الذين قال الله فيهم حكاية عن الجن (٢): {وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ} الجن: ١٤، وقال: {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً}
(١) ما بين القوسين سقط من (ب).
(٢) في (ب): عنهم.