ووصفهم عز وجل (١) بأنهم لم يهنوا ولم يضعفوا، أي: لم يهن الذين بقوا أحياء ولا استكانوا، لصبرهم على القتال.
وأخبر تعالى أنه يحب الصابرين الذين هم بهذا الوصف وقد قال تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَاب} الزمر:١٠، وذلك محتمل لأن يكون بغير تقدير أو يكون بغير محاسبة. (ق.١٤.أ)
ثم قال تعالى: {وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُوا ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِين} آل عمران: ١٤٧.
فسألوا من الله أمرين، وهما: المغفرة، والنصرة.
فأجيبوا فيهما فترتب على المغفرة حسن ثواب الآخرة، وكانت النصرة هي ثواب الدنيا، المترتب (٢) على الصبر وعدم الاستكانة والضعف، قال الله تعالى: {فَآتَاهُمُ اللهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ} آل عمران: ١٤٨.
وانظر كيف وصف سبحانه ثواب الآخرة بالحسن فقال: {وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ} آل عمران: ١٤٨.
ولم يقل ذلك في ثواب الدنيا، وذلك لحكمة وهو أن ثواب الآخرة حسن كله، لأنه ملائم للنفوس وموافق لها من حيث جعلت الجنة ثواب الآخرة، وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين مما لا يخطر على قلب بشر في الدنيا.
(١) كذا في (أ)، وفي (ب): جل وعز.
(٢) كذا في (أ)، وفي (ب): المرتب.