ووجه الدليل فيه: (أن ما) يعرف به أو يظن أن الفتاة قد حاضت، أغلب ما يكون أمارات في الوجه، أو في الصدر؛ والصدر لا يحل نظر الأجنبي إليه إجماعًا؛ فلم يبقَ إلا أنه رأى وجهها, أو وجوههما، وتندفع دلالته هذه اندفاعًا بيِّنًا، بأنه ليس للوجه فيه ذكر، ولعل إدراكه ذلك برؤية القرء أو الضرب، أو ما سمع من أزواجه عنهما، مما يعرف به أنهما قد حاضتا، أو غير ذلك، فلا حجة فيه.
وهو مع ذلك حديث (منقطع) (١) الإِسناد، فيما بين محمد بن سيرين، وعائشة؛ لم يسمعه منها.
وممَّا يمكن أن يستدل به أيضًا:
٨٤ - حديث أم سلمة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لجارية في بيتها رأى في وجهها سَفعَة (٢)، فقال (٣): "بها نَظْرة, فاسْتَرْقُوا لها" (٤).
وهذا فيه النظر إلى الوجه نصًّا، ولكنه تندفع دلالته باحتمال ألا يكون مدركه، فلذلك لم يأمرها .. وإذا استدل به (٥) في باب النظر على جواز النظر مطلقًا، يقول: لعلها نظرة فجأة، أو ممن لا يخاف الفتنة، ولا قائل بجواز النظر مطلقًا.
ومما يمكن أن يستدل به أيضًا:
(١) في الأصل: "قطع"، والصواب: "منقطع"، وقد ذكرنا قبل هذا ما قاله أبو حاتم الرازي في سنده.
(٢) أي: بوجهها صفرة، أو سواد في الوجه، وعن الأصمعي: حمرة يعلوها سواد، وكلها متقاربة، تدل على أن بوجهها موضعًا على غير لونه الأصلي.
(٣) لا توجد في الأصل، أثبتها من "صحيح مسلم".
(٤) الحديث في الصحيحين: عن أم سلمة، رواه البخاري في باب رقية العين: ١٠/ ٩٩ (من الفتح)؛ ومسلم في باب استحباب الرقية: ١٤/ ١٨٥ (صحيح مسلم بشرح النووي).
(٥) لا توجد في الأصل، ولعلها سقطت منه.