(١٠٧) - مسألة: من المبالغة في أن لا ينطر الرجل من المرأة ولا بعد الموت، إلا إلى ما يجوز له:

ما روى ابن القاسم: عن مالك من أنه سُئل عن تغطية القبر بالثوب على المرأة حين تدفن أواجب ذلك على الناس؟ ومن أول من فعله؟ فاستحسنه، وقال: أرى أن يعمل به، لأنه (ستر) (١) لها، لا يرى منها شيء من خَلقها.

قال أبو الوليد بن رشد: وهو بيِّن المعنى، (كذا) (٢) قال، وعندي: أنه شيء لا أصل له، إلا أنه مبالغة في الستر (*).

(١) في الأصل: "ستره"، وهو تصحيف. والصواب ما أثبت، وكذا في "البيان والتحصيل".
(٢) في الأصل: "لذا"، وهو تصحيف، والصواب ما أثبت، وكلام ابن رشد انتهى عند قوله: "بين المعنى".
(*) (قال أبو محمود وفّقه الله: وقد ورد في ذلك آثار ونصوص، منها حديث مرفوع - وهو ضعيف - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: جلّل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبر سعدٍ بثوبه، أخرجه البيهقي، وقال: لا أحفظه إلا من حديث يحيى بن عقبة بن أبي العيزار، وهو ضعيف. انظر: السنن الكبرى: ٤/ ٥٤.
وأخرج كذلك بإسناده إلى أبي إسحاق السبيعي: أنه حضر جنازة الحارث الأعور، فأبى عبد الله بن يزيد أن يبسطوا عليه ثوباً, وقال: إنه رجل.
قال أبو إسحاق: وكان عبد الله بن يزيد قد رأى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، قال البيهقي: وهذا إسناد صحيح، وإن كان موقوفاً، رواه جماعة عن أبي إسحاق.
وروي بإسناده عن علي بن الحكم، عن رجلٍ من أهل الكوفة، عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: أنه أتاهم، قال: ونحن ندفن ميتاً، وقد بسط الثوب على قبره، فجذب الثوب من القبر, وقال: إنما يُصنع هذا بالنساء. وهذا ضعيف لجهالة الرجل الكوفي.
وأما وضع النعش على المرأة والمبالغة في سترها، فقد أخرج البيهقي في سننه الكبرى، من طريق قتيبة بن سعيد، عن محمد بن موسى، عن عون بن محمد بن علي بن أبي طالب، عن أمه أم جعفر بنت محمد بن جعفر، وعن عمارة بن مهاجر, عن أم جعفر: أن فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت: يا أسماء! إني قد استقبحت ما يصنع بالنساء، إنه يطرح على المرأة الثوب فيصفها، فقالت أسماء: يا بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -! ألا أُريك شيئاً رأيته بأرض الحبشةِ؟ فدعت بجرائد رطبة فحنتها، ثم طرحت عليها ثوباً، فقالت =