فصل
وجناية البصر إذا لم يقع غَضُّه عما حَرُم النظر إليه، ليست -والله أعلم- من الكبائر، إذا صح انقسام الذنوب إلى صغير وكبير، كما قال -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ} القمر: ٥٣.
و {يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا} الكهف: ٤٩.
و {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} النساء: ٣١.
ونحو هذا مما لسنا له الآن، وإنما قلنا: إنه لا يكون من صنف الكبائر لأمرين:
أحدهما: أنَّا لا (نعده) (١) كبيرًا.
والأمر الآخر: تحقق أثر من آثار صِغَرِهِ، وذلك أن المتقرِّرَ هو أن الكبائر لا يكفِّرها إلَّا التَّوبة منها، وأمَّا غير ذلك من الذنوب، فاختلف الناس فيه، هل يكفي في تكفيرها الطاعات ما عدا التوبة منها، وأنها إذا أتبعت السيئة الحسنة مَحَتْها؟ أو لا بدَّ مع ذلك من ضمِّ التَّوبة إلى الطاعة؟.
والصحيح عندي هو أن صغائر الذنوب مكفَّرة بالطاعة إذا اجتُنبت الكبائر، إما أن يكون كلُّ صنف من أصناف الطاعات يكفر أي صنف فرض وجوده من أصناف الصغائر، وإمَّا أن يخصَّ (صنفاً من الذنوب صنف) (٢) من الطاعات، من غير اشتراط ضميمة التوبة منها في ذلك.
(١) في الأصل: "نعد"، ولعل الصواب ما أثبته.
(٢) في الأصل: "أن يخص صنفاً صنفاً مع الذنوب صنف صنف من الطاعات"، وفي المختصر: "وإما أن يخص صنفاً من الذنوب صنف صنيفها من غير اشتراط"، ولعل الصواب ما أثبته.