تنبيهًا على الاستحقاق الذي عقب بالوصف وهو الرب ليكون الوصف متعلقًا به أيضًا؛ لأن وصف المتعلق متعلق أيضًا» (١).
ثانيًا: مناسبة قوله: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} بالآية السابقة لها وهي قوله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢)}.
«ولما كانت مرتبة الربوبية لا تستجمع الصلاح إلا بالرحمة أتبع ذلك بصفتي {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ترغيبًا في لزوم حمده، وهي تتضمن تثنية تفصيل ما شمله الحمد أصلًا» (٢).
والبقاعي يعني بذلك: أن ربوبيته تبارك وتعالى مبنية على الرحمة، فلذلك جاءت صفتي {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} بعد وصفه سبحانه ذاته العلية بأنه: {رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢)}، ليتبين ويتأكد أن تلك الربوبية مبناها على الرحمة التي هي من أخص صفات الرب الكريم سبحانه وتعالى.
ثالثًا: مناسبة قوله: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤)} بالآية السابقة وهي قوله: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}.
«ولما كان الرب المنعوت بالرحمة قد لا يكون مالكًا وكانت الربوبية لا تتم إلا بالمِلك المفيد للعزة المقرون بالهيبة المثمرة للبطش والقهر المنتج لنفوذ الأمر أتبع ذلك بقوله: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤)} ترهيبًا من سطوات مجده» (٣).
فدل كونه سبحانه وتعالى {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤)} على كمال وتمام ربوبيته جل في علاه، فلا تتم الربوبية إلا بكمال الملك وتمامه، فجاءت مناسبتها تأكيًدا على عموم وشمولية وكمال ربوبيته جل في علاه.
(١) التحرير والتنوير للطاهر بن عاشور (ص: ١٦٦).
(٢) نظم الدرر للبقاعي (١/ ١٧).
(٣) المرجع السابق (١/ ٢٩).