كما أَثنى على نفسه، وفوق ما يُثني به عليه خَلقُه، فله الحمد أولًا وآخرًا حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يَنبغي لكرم وجهه وعزِّ جلاله، ورفيعِ مجده وعلوّ جدّه» اهـ (١).
وختامًا:
فقوله سبحانه: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} فيه إقرار لله بالألوهية، وإقرار العبد استحقاق الرب للحمد، إقرار عبودية وتأله، ونسبة الحمد {لِلَّهِ} كذلك أيضًا.
وقوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢)} متضمن لإقرار العبد بتوحيد الربوبية؛ ربنا: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٥٤)} الأعراف.
ولأن الآية تضمنت إثبات ربوبية الله لجميع العالمين-وهم كل ما سوى الله، كما مرّ معنا في طيات البحث مرارًا.
«والرب: السيد والمالك والثابت والمعبود والمصلح، وزاد بعضهم بمعنى الصاحب» (٢).
قال ابن عباس -رضي الله عنه-: «الحمد لله: «هو الشكر لله، والاستخذاء لله، والإقرار بنعمته وهدايته وابتدائه، وغير ذلك. .» (٣).
وقوله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} «روي عن قتادة أنه قال: معناه الحمد لله، الذي لم يجعلنا من المغضوب عليهم ولا الضالين» (٤).
و {رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢)} «إله الخلق كله: السماوات كلهن ومن فيهن: والأرضون كلهن ومَن فيهن ومَن بينهن مما يُعلم ومما لا يُعلم» (٥).
«فدل قوله رب العالمين على انفراده بالخلق والتدبير، والنعم، وكمال غناه،
(١) مدارج السالكين (١/ ٣٥)، وطريق الهجرتين (ص ١٣١).
(٢) التفسير الكبير (١/ ١٩)
(٣) تفسير الطبري (١/ ١٣٥).
(٤) بحر العلوم للسمرقندي (١/ ١٦)
(٥) فتح القدير للشوكاني (١/ ١٧).