الشرط الثالث: القبول لما تقتضيه كلمة التوحيد بقلبه ولسانه، غير مستكبر عنها.
قال تعالى في وصف حال المجرمين إذا دُعوا إلى هذه الكلمة الطيبة: {إِنَّهُمْ كَانُوا … إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (٣٥)} الصافات: ٣٥.
قال الطبري -رحمه الله-: «يقول -تعالى ذكره-: وإن هؤلاء المشركين بالله الذين وصف صفتهم في هذه الآيات كانوا في الدنيا إذا قيل لهم: قولوا: {لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ}. يقول: يتعظمون عن قيل ذلك ويتكبرون، وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل» (١).
قال البغوي -رحمه الله- في قوله تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (٣٥)}: «يتكبرون عن كلمة التوحيد، ويمتنعون منها» (٢).
والأمر كما ذكر الطبري شيخ المفسرين وكما بين البغوي، في تعاظم المشركين وتكبرهم وامتناعهم عن قولها والنطق بها، هو عدم القبول لهذه الكلمة كما تبين معنا في الشرط الثالث المذكور آنفًا.
الشرط الرابع: الانقياد والاستسلام المنافي للترك لما دلت عليه كلمة التوحيد ويكون ذلك ظاهرًا وباطنًا.
فينقاد لما دلت عليه، ويعبد الله وحده لا شريك له، ويؤمن بشريعته ويعمل بها ويعتقد أنها الحق، ولعل الفرق بينه وبين القبول: أن الانقياد هو الاتباع بالأفعال والقبول إظهار صحة معنى ذلك بالقول ويلزم منهما جميعًا الاتباع ولكن الانقياد هو الاستسلام والإذعان وعدم الترك لشيء (٣) من شروط لا إله إلا الله.
قال الله -تبارك وتعالى-: {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ
(١) الطبري (٢١/ ٣٤).
(٢) البغوي (٧/ ٣٩).
(٣) ينظر: (الشهادتان معناهما وما تستلزمه كل منهما) للعلامة الدكتور عبد الله بن جبرين، (ص ٨١)، وتحفة الإخوان للإمام العلَّامة ابن باز، (ص ٢٦). (بتصرف).