فيؤمن العبد بوجودهم، ويعتقد ذلك اعتقاد جازمًا وأنهم قد خُلِقوا من نور، وأنهم قائمون بمهامهم التي أمرهم ربهم وتعبدهم بها، ويؤمن بما ثبت لهم من صفات وخصال وأعمال في الكتاب والسنة كذلك، بغير زيادة ولا نقصان ولا تحريف ولا تبديل، والعبد غير مكلف بالتنقيب والبحث عما لم يؤمر به ولم يُحِط به علمًا عن عالم غيبي أُمِرَ بالإيمان به جملة، وأمر بالإيمان بهم وبأسمائهم وبوصفهم وأعمالهم وبكل ما ورد عنهم عن طريق الوحي المبين تفصيلًا-وكفى- فلا دخل للعبد فيما استأثر الله سبحانه بعلمه عنهم ولم يطلع عليه أحدًا من خلقه.
كما قال تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ} البقرة: ٢٨٥.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَوْمًا بَارِزًا لِلنَّاسِ، إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ يَمْشِي، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الإِيمَانُ؟ قَالَ: «الإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَلِقَائِهِ، وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ الآخِرِ» (١).
وفي حديث جبريل المشهور عند مسلم: قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْإِيمَانِ، قَالَ: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ»، قَالَ: صَدَقْتَ … الحديث (٢).
ومن لم يؤمن بوجودهم ولم يقرّ ويعترف بهم فهو كافر بالله تعالى بإجماع المسلمين، كما قال سبحانه في محكم كتابه: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (١٣٦)} النساء.
وقال سبحانه أيضًا: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ (٩٨)} البقرة.
(١) البخاري (٥٠)، ومسلم (٩).
(٢) مسلم (٨).