ذلك بأمر ملك الموت فيكون «التوفي» مضافًا إلى ملك الموت، كما يضاف قتلُ من قتله أعوانُ السلطان، وجلدُ من جلدوه بأمر السلطان، إلى السلطان، وإن لم يكن السلطان باشر ذلك بنفسه، ولا وليه بيده» (١).
وقال القرطبي -رحمه الله-: «والتوفي تارة يُضاف إلى ملك الموت، كما قال: {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ} وتارة إلى الملائكة لأنهم يتولون ذلك، كما في قوله: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ (٦١)} الأنعام، وتارة إلى الله وهو المتوفي على الحقيقة، كما قال: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} الزمر: ٤٢» (٢)، وكما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} النساء: ٩٧، وكما قال تعالى: {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} النحل: ٢٨.
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله-: «فتحصل أن إسناد التوفي إلى ملك الموت في قوله تعالى: {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (١١)} السجدة، لأنه هو المأمور بقبض الأرواح. وأن إسناده للملائكة في قوله: {فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ} محمد: ٢٧، ونحوها من الآيات لأن لملك الموت أعوانا يعملون بأمره.
وأن إسناده إلى الله في قوله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} الزمر: ٤٢، لأن كل شيء كائنا ما كان لا يكون إلا بقضاء الله وقدره والعلم عند الله» (٣).
ولم يثبت في ذلك حديث صحيح تسميته ملك الموت -عليه السلام- بـ «عزرائيل» كما هو مشهور عند الكثير من عموم الخلق قديمًا وحديثًا.
قال ابن كثير -رحمه الله-: «وأما ملك الموت فليس بمصرح باسمه في القرآن، ولا في الأحاديث الصحاح، وقد جاء تسميته في بعض الآثار بعزرائيل» (٤).
(١) تفسير الطبري (١١/ ٤١٠).
(٢) تفسير القرطبي (٧/ ٧).
(٣) أضواء البيان للشنقيطي (٦/ ٥٠٤).
(٤) البداية والنهاية لابن كثير (١/ ٤٢).