والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختُلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم» (١) (٢).
وقال ابن القيم -رحمه الله-: «وإذا عظم المطلوب وأعوزك الرفيق الناصح العليم فارحل بهمتك من بين الأموات وعليك بمعلِّم إبراهيم» (٣).
وبقدر تحقيق العبودية والاستعانة يتحقق للعبد السلامة من الآفات المهلكات.
قال ابن القيم -رحمه الله-: «كثيرًا ما كنت أسمع شيخ الإسلام ابن تيمية -قدس الله روحه- يقول: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} تدفع الرياء {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)} تدفع الكبر» (٤).
«فلا نجاة من مصايد الشيطان ومكايده إلا بدوام الاستعانة بالله، والتعرض لأسباب مرضاته» (٥).
وقد «رُوِيَ عن بعض السلف أنه قال لتلميذه: ماذا تصنع إذا سول لك الشيطان الخطايا؟ قال أجاهده، قال هذا يطول، أرأيت إن مررت بغنم فنبحك كلبها، ومنعك من العبور ماذا تصنع؟ قال: أكابده وأرده جهدي قال: هذا يطول عليك، لكن استعن بصاحب الغنم يكفه عنك، إذا أردت التخلص من الشيطان ووسوسته، فاستعن بخالقه يكفه عنك ويحميك» (٦).
هذا مثل ضربه ابن الجوزي لتقريب المعنى وتصويره في الذهن، والله تعالى له الْكَمَال الْمُطْلَق الكامل التام مِنْ كُلّ الوَجْوه، قال سبحانه: {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٦٠)} النحل.
وعلى قدر استعانة العبد بربه وصدقه في توكله عليه واضطراره والانقياد لأمره
(١) مسلم (٧٧٠).
(٢) مجموع الفتاوى (٤/ ٣٩).
(٣) مفتاح دار السعادة (١/ ٣٢).
(٤) مدارج السالكين (١/ ٥٤).
(٥) إغاثة اللهفان - لابن القيم (١/ ٥).
(٦) تلبيس إبليس (٤٨).