ثانيًا: بيان أنواع الهداية.
ولا بأس هنا بذكر بعض معاني الهداية وتقسيمها بمعنى أشمل وأوسع وأكمل وأدل كما ذكر ذلك صاحب بصائر ذوي التميز.
يقول الفيروز آبادي -رحمه الله-: «وهداية الله تعالى للإنسان على أربعة أضرب.
الأوّل: الهداية الّتي عمّ بها كلّ مكلّف من العقل والفطنة والمعارف الضّروريّة، بل عمّ بها كلّ شيء حسب احتماله، قال تعالى: {رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (٥٠)} طه.
الثّاني: الهداية الّتي جعلت للنّاس بدعائه إيّاهم على ألسنة الأنبياء وإنزال القرآن ونحو ذلك، وهو المقصود بقوله: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا} الأنبياء: ٧٣.
الثّالث: التّوفيق الّذي يختصّ به من اهتدى، وهو المعنيّ بقوله: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى} محمد: ١٧، وقوله: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} التغابن: ١١.
الرّابع: الهداية في الآخرة إلى الجنّة، وهو المعنيّ بقوله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا} الأعراف: ٤٣.
وهذه الهدايات الأربع مترتّبة. فإنّ من لم تحصل له الأولى لا تحصل له الثّانية، بل لا يصحّ تكليفه. ومن لم تحصل له الثّانية لا تحصل له الثّالثة والرّابعة.
والإنسان لا يقدر أن يهدي أحدًا إلّا بالدّعاء وتعريف الطّرق دون سائر الهدايات، وإلى الأوّل أشار بقوله: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٢)} الشورى، وبقوله: {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (٧)} الرعد أي: راع، وإلى سائر الهدايات أشار بقوله: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} القصص: ٥٦. وكلّ هداية ذكر الله تعالى أنّه منع الكافرين والظّالمين فهي الهداية الثّالثة، الّتي هي التّوفيق الّذي يختصّ به المهتدون.
والرّابعة الّتي هي الثّواب في الآخرة، وإدخال الجنّة المشار إليها بقوله تعالى: {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ} آل عمران: ٨٦ إلى قوله: {وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ