يكون ثبوت قدمه على الصراط المنصوب على متن جهنم، وعلى قدر سيره على هذا الصراط يكون سيره على ذاك الصراط، فمنهم من يمر كالبرق، ومنهم من يمر كالطّرف، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمر كشدّ الركاب، ومنهم من يسعى سعيًا، ومنهم من يمشي مشيًا، ومنهم من يحبو حبوًا، ومنهم المخدوش المسلّم، ومنهم المكردس في النار (١).
فلينظر العبد سيره على ذلك الصراط من سيره على هذا، حذو القذّة بالقذة جزاء وفاقًا {هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٩٠)}» النمل» (٢).
سادسًا: طلب الهداية للصراط المستقيم ودلالته على التوحيد:
كما قال تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦)}.
فـ «الصراط المستقيم، هو الطريق الذي نصبه الله لعباده على ألسنة رسله وجعله موصلًا لعباده إليه ولا طريق لهم سواه وهو إفراده بالعبودية وإفراد رسله بالطاعة وهو مضمون شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله … وهذا هو الهدى ودين الحق وهو معرفة الحق والعمل به وهو معرفة ما بعث الله به رسله والقيام به» (٣).
ولقد دلت الآية الكريمة على دعاء شأنه كبير وجليل، والدعاء عمومًا شأنه عند الله عظيم، وأجره كبير، وثواب جزيل، وإن من أجل مقاصده إظهار الافتقار والتبرؤ من الحول والقوة والحيلة، وإظهار ضعف العبد وذلته لربه واستكانته، وبيان اضطراره في سؤاله وحاجته، قال ربنا: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (٦٢)} النمل.
(١) يشير -رحمه الله- إلى أحاديث المرور على الصراط، ومنها: حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-، أخرجه البخاري (٢٢)، ومسلم (١٨٣).
(٢) بدائع التفسير (١/ ٣٥).
(٣) بدائع الفوائد لابن القيم (٢/ ٤٠).