بذلك: النصارى، وقد مرَّ معنا قولُهُ آنفًا.
فالنصارى عبدوا الله على جهالة، فلما طلعت عليهم شمس الرسالة وسطع ضوؤها وأشرقت الأرض بنور البعثة بعد ظلام جاهليتها، وقامت الحجة، ووضحت المحجة، وبلغهم نور العلم، استحقوا بعد ذلك صفة الغضب كاليهود إضافة إلى وصف الضلالة، قال من لا ينطق عن الهوى -صلى الله عليه وسلم-: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» تقول عائشة: «يُحذِّر مثل الذي صنعوا» (١).
واليهود مغضوب عليه وضالون، والنصارى ضالون ومغضوب عليهم، وهذا الوصف يشمل كل من اتصف بصفاتهم كما سيأتي في وصف كل طائفة في مبحث مستقل، وتبقى القاعدة: (العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب) كما هو معلوم، ولذا جاء تعريف شيخ الإسلام ومن تبعه هو التعريف الشامل الكامل الذي أحاط بكل وصف يشمل الطوائف الثلاث، والله أعلم.
ثانيًا: التعريف بالطوائف الثلاث تفصيلًا:
الطائفة الأولى: المنعم عليهم.
أولًا: التعريف بهم.
كما قال تعالى: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}، أي: من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وهذا الوصف يشمل ضمنًا كل من علم الحق وعمل به من عباد الله المؤمنين المهتدين الذين أنعم الله تعالى عليهم بطاعته وأكرمهم بعبادته (٢).
«والمنعم عليهم هم المذكورون في سورة النساء؛ حيث قال تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (٦٩) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا (٧٠)} النساء».
(١) البخاري (٤٣٥)، ومسلم (٥٢٩).
(٢) سبق التعريف بالطوائف الثلاث في المبحث الخامس من الفصل الثاني الموسوم بـ (المعنى الإجمالي للسورة الكريمة).