الطائفة الثالثة: الضالون.
أولًا: من هم الضالون؟
الضَّالُّونَ «هُمُ النَّصَارَى، لِأَنَّهُمْ ضَلُّوا فِي الْحُجَّةِ فِي عِيسَى -عليه السلام-، وَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-» (١).
«وقد أجمع المفسرون أن الضالين أراد به النصارى» (٢).
و «قَالَ جَمَاهِيرُ مِنْ عُلَمَاءِ التَّفْسِيرِ: و {الضَّالُّونَ (٩٠)} آل عمران النَّصَارَى» (٣).
«قال الضحاك، وابن جريج، عن ابن عباس -رضي الله عنه-: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} اليهود {وَلَا الضَّالِّينَ (٧)} هم النصارى.
وكذلك قال الربيع بن أنس، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وغير واحد، وقال ابن أبي حاتم: ولا أعلم بين المفسرين في هذا اختلافًا.
وشاهد ما قاله هؤلاء الأئمة من أن اليهود مغضوب عليهم، والنصارى ضالون، للحديث المتقدم (٤).
وقوله تعالى عن بني إسرائيل في سورة البقرة: {بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ (٩٠)} البقرة: ٩٠، وقال في المائدة: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (٦٠)} المائدة، وقال تعالى في المائدة-أيضًا-: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا
(١) الاعْتِصَام للشاطبي (ص ٢٤٢).
(٢) بحر العلوم للسمرقندي (ص ١٩).
(٣) أضواء البيان (١/ ٩).
(٤) تقدم الكلام عليه.