بالضلال، كما قال أحكم الحاكمين سبحانه وتعالى: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (٧٧)} المائدة.
«وقوله سبحانه: {قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ} يعني: رؤساء الضلالة من فريقي اليهود والنصارى، والخطاب للذين في عصر النبي -صلى الله عليه وسلم- نهوا عن اتباع أسلافهم فيما ابتدعوه بأهوائهم {وَأَضَلُّوا كَثِيرًا} يعني: من اتبعهم على أهوائهم {وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ} عن قصد الطريق، أي: بالإضلال، فالضلال الأول من الضلالة، والثاني بإضلال من اتبعهم» (١).
٤ - الكبر والغرور.
كما قال تعالى: {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا} البقرة: ١٣٥.
وقال: {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى} البقرة: ١١١
ومعنى ذلك: «أن اليهود قالوا: لن يدخل الجنة إلا مَن كان يهوديًّا ولا دين إلا دين اليهودية.
وقالت النصارى: لن يدخل الجنة إلا من كان نصرانيًّا ولا دين إلا دين النصرانية» (٢).
٥ - هم أشقاء اليهود في الاستخفاف بالرُّسل -عليهم السلام-.
فالاستخفاف برُسل الله الكرام -عليهم السلام- وبما أُرسلوا به وعدم مراعاة حرمتهم وحرمة ما أُرسِلُوا بها من شرائع وأحكام من عند الله تعالى هو شأنهم كأشقائهم اليهود، فإذا لم يوافقهم ولم يُلائم أهواءهم ما جاءت به رسلهم، فريقًا كذبوا وفريقًا يقتلون.
كما قال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ
(١) تفسير البغوي (٣/ ٨٤).
(٢) تفسير البغوي (١/ ١٣٧).