يقول ابن سعدي -رحمه الله-: «ومن كليات القرآن أنه يدعو إلى توحيد الله ومعرفته، بذكر أسماء الله، وأوصافه، وأفعاله الدالة على تفرُّده بالوحدانية، وأوصاف الكمال، وإلى أنه الحقُّ، وعبادته هي الحق، وأن ما يدعون من دونه هو الباطل، ويبين نقص كل ما عُبِد من دون الله من جميع الوجوه» (١).
وما ذكره ابن أبي العز الحنفي وابن سعدي رحمهما الله تعالى يوافق كلام الإمام ابن القيم -رحمه الله-، مما يؤكد لدينا أن القرآن كله مشتمل على التوحيد.
قال الشيخ العلَّامة بكر بن عبد الله أبو زيد (٢) -رحمه الله-: فالقرآن العظيم، كله في التوحيد، وحقوقه، وجزائه، وفي شأن الشرك، وأهله، وجزائهم.
ويُنظر إلى أول سورة في كتاب الله تعالى: سورة الفاتحة): فـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ}) توحيد في الألوهية، و {رَبِّ الْعَالَمِينَ}) توحيد في الربوبية)، و {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣)} (توحيد في الأسماء والصفات)، و {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤)} توحيد في الملك؛ لأنه من شأن الرب المعبود، الذي هذه صفته؛ أن يكون مالكًا ليوم الدين وهو يوم الجزاء والحساب.
و {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} توحيد في الثناء والقصد، وهذا التوحيد يدفع مرض الرياء، و {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)} توحيد في المسألة والطلب، وهذا التوحيد يدفع مرض العجب والكبرياء، وعلى هذه الآية مدار دعوة جميع الرسل والأنبياء.
و {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦)} توحيد في الطريق الموصل إلى الله وهو الذي شرعه سبحانه ونصبه لعباده، وهو طريق أهل التوحيد، وهم المذكورون في قوله بعده:
(١) تيسير الكريم الرحمن (٥/ ٤٩١).
(٢) بكر بن عبد الله بن محمد بن أبوزيد، أحد كبار العلماء المعاصرين في المملكة العربية السعودية. تولى عضوية المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي، وعضوية مجلس القضاء السعودي، وعضوية هيئة كبار العلماء السعودية واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء. ولد عام ١٣٦٥) هـ) في مدينة الدوادمي- توفي سنة (١٤٢٩ هـ (بمدينة الرياض. الموسوعة الحرة.