وأخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنهم- قال: قال رسول -صلى الله عليه وسلم-: (والذي
نفسي بيده لو لم تُذنبوا لذهب الله بكم وجاء بقوم يذنبون ويستغفرون فيغفر لهم) (١) وهذه فائدة اسم الله الغفار التواب.
وبقى أمر مهم لا بد للعاقل أن يتنبه له وهو أن يحذر مغالطة نفسه على فعل الذنوب، وارتكاب المعاصي ثم يتكل على عفوا الله ومغفرته وذلك لأن كثيراً من الناس يظن أنه لو فعل ما فعل ثم قال: (استغفر الله) زال الذنب، وراح هذا بهذا أو يعتمد ما صحَّ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث السابق ذكره وفيه (اعمل ما شئت فقد غفرت لك).
وحسنٌ أن أختم بقول الناظم (٢) ــ رحمه الله ــ:
وَتَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظيمَ بِتَوْبَةٍ ... وَتَرْفَعُ كَفَّ المُسْتَغَيِثِ المُجَهَّد
وَتَدْعُو دُعاءَ المُخْبِتِين برغْبَةٍ ... دُعَاءَ غَِريقٍ في دُجَى اللَّيلِ مُفْرَدِ
فإِنَّ الذي تَدْعُوهُ يَرْزُقُ مَنْ عَصَى ... وَفَاتِحُ بَابٍ للمُطِيعِ ومُعْتدِي
ولَكَنَّمَا صدْقُ الرَّجَاءِ مَفاِتحُ الـ ... ـخَزَائِنِ فادْعُ وَابْتَغِ الفَضْلَ واجْهَدِ
وَقُلْ بانْكِسارٍ قَارِعاً بَابَ رَاحمٍ ... قَرِيْبٍ مُجِيبٍ بالفواضلِ يَبْتَدِي
إلهي أتَى العاصُونَ بَابَك مَلْجَأً ... يُرَجُّونَ عَفْواً مِنْكَ رَبي وَسَيِّدِي
إلَيْكَ فَرَرْنَا مِن عَذَابِكَ رَهْبَةّ ... فَلَا تَطْرُدَنَّا عَنْ جَنَابِكِ وأسْعدِ
دَعَوْنَاكِ للأمْرِ الذي أنتْ ضَامِنٌ ... إجَابَتَهُ يا غَيْرَ مُخْلِفِ مَوْعدِ
إلْيكَ مَدَدْنَا بالرَّجَاءِ اَكْفَّنَا ... فَحَاشَاكَ مِنْ رَدِّ الفَتى صَافِرَ اليد (٣)
(١) كتاب التوبة ح: ٦٩٦٥ ص: ١١٩١ وخرَّجه غيره
(٢) الإمام شمس الدين محمد بن عبد القوي، في الألفية في الآداب الشرعية.
(٣) ص ٦٦ - ٦٧.