والفرق بين القولين واضح.
و لذا قيَّد الحسين الأمثلة التي ذكر بأنها لا تخرج عن مسمى كبيراً وعظيماً.
وقال كقوله تعالى {وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا} النساء: ٢
والمعنى: هو أن أكلَكم أموال أيتامكم مع أموالكم حوب كبير، والهاء في قوله إنه داله على اسم الفعل، أي الأكل. وأما الحوب: فإنه الإثم، يقال منه حاب الرجل يحوب حَوْباً وحيابةً، ويقال منه: قد تحوب الرجل من كذا، إذا تأثم منه (٣) وقد قال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (١٠)} النساء: ١٠.
وروي عن أبى هريرة، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (اجتنبوا السبع الموبقات قالوا: يارسول الله! وما هنَّ؟ قال " الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل مال اليتيم، وأكل الربا، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات) (١).
• وقوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا} الإسراء: ٣١.
رُوي عن عبد الله بن مسعود قوله: (قال رجل: يا رسول الله، أيُّ الذنب أكبر عند الله؟ قال: أن تدعوا لله نداً وهو خلقك، قال: ثم أيٌّ؟ قال: ثم أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك، قال: ثم أيّ؟ قال: ثم أن تزاني ... بحليلة جارك) فأنزل الله عزَّ وجلَّ تصديقها {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} (٢) الفرقان: ٦٨
(١) رواه البخاري في صحيحه (كتاب الوصايا) باب قوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} ح: ٢٧٦٦ ص: ٤٥٨، ومسلم في صحيحه (كتاب الإيمان) ح: ٢٦٢، ص: ٥٣ - ٥٤.
(٢) رواه البخاري في صحيحه (كتاب الديات) باب قوله تعالى ({وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ}) ح: ٦٨٦١ ص ١١٨٢/ ١١٨٣ ومسلم في صحيحه (كتاب الإيمان) ح: ٢٥٨، ص: ٥٣، وينظر في بيان هذا الحديث كتاب الاستقامة لابن تيمية ٤٦٨/ ٤٦٩.