قوله {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ}.
اُختلف في هذه القرية، والمشهور أنها أيْلة (١)، وبه قال ابن عباس ومجاهد، وعكرمة (٢) وقتادة، والسدي، وعبد الله بن كثير القارئ (٣)، وسعيد بن جبير والضحاك. (٤) وقيل غير ذلك (٥).
والصواب - والله أعلم - أن يقال هي قرية حاضرة البحر كما نصَّ على ذلك القرآن سواء كانت أيْله، أو غيرها ممَّا قيل، طالما يصدق عليها قوله {حَاضِرَةَ الْبَحْرِ}
لا سيما أنه لم يرد خبر عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقطع العذر بأن ذلك من أيّ (٦).
وقوله تعالى: {إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ}
قال ابن جرير: " إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم الذي نهوا فيه عن العمل شرَّعاً، يقول: شارعة ظاهرة على الماء من كل طريق وناحية كشوارع الطرق .. ويوم لا يعظمونه تعظيمهم السبت، وذلك سائر الأيام غير يوم السبت لا تأتيهم الحيتان ". (٧)
وذكر الحسين أن في هذا دلالة على أن الحلال لا يأتيك إلا قوتاً والحرام يأتيك جزفاً جزفاً، وهذا أيضاً يوافق أحد الأوجه التفسيرية في قوله تعالى: {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأسْقَيْنَاهُم مَاءٍ غَدَقًا (١٦)} الجن: ١٦
(١) أيْلة: بفتح أوله على وزن فعله. معجم ما استعجم للبكري ١/ ٢١٦، قال ابن عباس: أيله بين مدين والطور رواه عنه ابن جرير في تفسيره ٦/ ١١٠، وابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٥٩٧، قال ياقوت الحموي في كتابه (معجم البلدان): أيلة بالفتح مدينة على ساحر بحر القلزم مما يلي الشام، وقيل هي آخر الحجاز وأول الشام " ١/ ٢٩٢.
(٢) عكرمة: أبو عبد الله، مولى ابن عباس، أصله بربري، ثقة، ثبت عالم بالتفسير، لم يثبت تكذيبه عن ابن عمر، توفي سنة (١٤ هـ) وقيل بعد ذلك، ينظر: السير (٥/ ١٢)، التقريب (٤٦٧٣)
(٣) رواه عنهم ابن جرير في تفسيره ٥/ ١٥٩٧.
(٤) رواه ابن أبي حاتم عنهما في تفسيره ٥/ ١٥٩٧.
(٥) ينظر: تفسير ابن جرير ٩/ ١١١، وتفسير ابن أبي حاتم ٥/ ١٥٩٧/ ١٥٩٨ وتفسير البغوي ٢/ ١٦٢، وزاد المسير ٣/ ٢٧٦ وتفسير ابن كثير ٢/ ٢٥٧.
(٦) ينظر: تفسير ابن جرير ٩/ ١١١.
(٧) تفسيره ٩/ ١١١.