أي: وأن لو استقاموا على الضلالة لأعطيناهم سعة من الرزق وذلك لنستدرجهم بها. (١)
فالحلال قد لا يأتي بسرعة وقد يكون قليلاً أيضاً بينما الحرام يأتي بسرعة وقد يكون كثيراً؛ اختباراً وامتحاناً من الله لعباده، وهذا مشاهد فما أكثر الآن سبل الكسب الحرام وطرقه ولكنه ممحوق البركة.
وأحيانا قد يسلك العبد الطرق المحرمة ويبذل في ذلك وسعه، ولكن لا يأخذ من الرزق إلا ما قُدِّر له، فيجمع بين الحرمان والعصيان قال تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا} الإسراء: ١٨
ولا يعني هذا أن الكثرة ومحق البركة، متلازمان، بل قد يمنُّ الله على العباد بكثرة الرزق المبارك، هذا إذا ما آمنوا واتقوا، ومصداق ذلك قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ والأرضِ} الأعراف: ٩٦
وقوله تعالى {وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لأكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ} المائدة: ٦٦.
وقيل إنَّ هذه القصة حصلت في زمن داود عليه السلام ـ والله أعلم ـ بصحة ذلك. (٢)
قال القرطبي: " ورُوي في قصص هذه الآية أنها كانت في زمن ... داود عليه السلام ". (٣)
(١) ينظر: تفسير الطبري ٢٩/ ١٣٧.
(٢) ذكر البغوي في تفسيره ٢/ ١٦٢، أن داود عليه السلام لعن المعتدين فيهم.
(٣) تفسيره ٧/ ٢٦٩.