قال الحسين: (قد يعبد اللهَ غيرُ الملائكة، وإنما المعنى: من عند ربك جاءهم التوفيقُ والعصمة).
وهذا صرف للنص عن ظاهره، والصواب أنَّ هذه العندية تقتضي القرب والإشارة إلى العلو، والله تعالى فوق عباده عالٍ عليهم.
٢ - في قوله تعالى: {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ} الصافات: ١٢ على قراءة الضم.
قال الحسين: (العَجَبُ من الله عز وجل إنكارُ الشيء وتعظيمه، وهو لغة العرب وقد جاء في الخبر (عجب ربُّكم من ألّكم وقنوطكم).
وواضح أنَّ هذا تأويل لمسألة من مسائل الصفات وهي العجب.
٣ ـ نسب الرازي إلى الحسين قوله (إنَّ الإيمان مجرد التصديق بالقلب.) وذلك في تفسيره لقوله تعالى: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} البقرة: ٣.
فإذا صحت تلك النسبة فهي تدل على أنه وافق الجهميَّة في تلك المقالة الخبيثة.
٥ - مكانته العلمية
قال الحاكم فيما نقله الذهبي: أقدمه ابن طاهر (١) معه نيسابور (٢) وابتاع له دار عزرة فسكنها وهذا في سنة سبع عشرة ومائتين فبقي يعلم الناس ويفتي في تلك الدار إلى أن توفي .. وسمعت محمد بن أبى القاسم المذكر (٣) يقول: سمعت أبي يقول: لو كان الحسين بن الفضل في بني إسرائيل لكان مما يذكر في عجائبهم.
وسمعت محمد بن يعقوب الحافظ يقول: ما رأيت أفصح لساناً من الحسين بن الفضل.
وقال الحاكم: سمعت إبراهيم بن مضارب (٤) سمعت أبي يقول: كان علم الحسين بن الفضل بالمعاني إلهاماً من الله، فإنه كان قد تجاوز حدَّ التعليم.
قال: وكان يركع في اليوم والليلة ستمائة ركعة، ويقول: لولا الضعف والسن لم أطعم بالنهار.
وسمعت أبا زكريا العنبري (٥) سمعت أبي، يقول: لما قلد المأمون عبد الله بن طاهر خراسان، قال: يا أمير المؤمنين حاجة، قال: مقضية، قال: تسعفني بثلاثة: الحسين بن الفضل و أبو سعيد الضرير (٦)
(١) ابن طاهر: محمد بن عبد الله بن طاهر، أبو العباس الخزاعي، كان شيخاً فاضلاً، وأديباً شاعراً، وهو أميرٌ ابن أمير، توفي سنة (٢٥٣ هـ).، ينظر: تاريخ بغداد للخطيب البغدادي (٥/ ٤١٨).
(٢) نيْسَابور: بفتح أوله والعامة يسمونه نَشاوُور، وهي مدينة عظيمة ذات فضائل جسيمة، معدن الفضلاء ومنبع العلماء لم أرَ فيما طوَّفْت من البلاد مدينة كانت مثلها. معجم البلدان (٥/ ٣٣١).
(٣) لم أعثر على ترجمته.
(٤) لم أعثر على ترجمته.
(٥) أبو زكريا العنبري: يحيى بن محمد بن عبد الله النيسابوري، أبو بكر زكريا العنبري، المحدث المفسر الأديب، توفي سنة (٣٤٤ هـ)، ينظر: السير (١٥/ ٥٣٣)، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (٣/ ٤٨٥).
(٦) أحمد بن خالد أبو سعيد البغدادي الضرير، اللُّغويُّ الفاضل، كان طاهر بن عبد الله استقدمه من بغداد إلى نيسابور، وأقام بها، وأملى بها كتباً في معاني الشعر والنوادر، ينظر: معجم الأدباء (٤/ ١٥)، إنباه الرواة على أنباء النحاة (١/ ٤).