قال ابن العربي: " اعلموا وفقكم الله أن النجاسة ليست بعين حسية، وإنما هي حكم شرعي، أمر الله بإبعادها كما أمر بإبعاد البدن عن الصلاة عند الحدث وكلاهما أمر شرعي ليس بعين حسية ". (١)
وعلى ما سبق فقول الحسين ـ رحمه الله ـ هو الصحيح المنقول عن المذاهب الأربعة.
قال البغوي: " وأراد به نجاسة الحكم لا نجاسة العين، سمَّوا نجساً على الذم" (٢).
وقال ابن كثير: " أمر الله تعالى عباده المؤمنين الطاهرين ديناً وذاتاً بنفي المشركين الذين هم نجس ديناً عن المسجد الحرام .. " (٣)
وهذه دلالة واضحة على أن أعيانهم طاهرة، ولكنهم خبثاء في عقائدهم ومن هنا صارت نجاستهم حكمية.
فالمشرك نجس لأجل عقيدته الشركية، وقد يكون جسده نظيفاً مطيباً لا يستقذر. (٤)
قال عبد الرحمن السعدي: " وليس المراد هنا نجاسة البدن، فإنَّ الكافر كغيره طاهر البدن، بدليل أن الله تعالى أباح وطء الكتابية ومباشرتها، ولم يأمر بغسل ما أصاب منها، والمسلمون ما زالوا يباشرون أبدان الكفار، ولم ينقل عنهم أنهم تقذروا منها، تَقَذُّرهم من النجاسات، وإنما المراد كما تقدم نجاستهم المعنوية بالشرك، فكما أن التوحيد والإيمان طهارة فالشرك نجاسة ". (٥)
والحمد لله رب العالمين على فضله وسماحة أحكامه.
(١) أحكام القرآن ٢/ ٤٦٨.
(٢) تفسيره ٢/ ٢٦٧.
(٣) تفسيره ٢/ ٣٤٦.
(٤) ينظر: التحرير والتنوير ١٠/ ٦٢.
(٥) تفسيره: ص: ٣٣٣.