سورة يونس
قال تعالى {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ} يونس: ٣٩
٣٧ وقيل للحسين بن الفضل (هل تجد في القرآن (من جهل شيئاً عاداه) ... فقال: نعم في موضعين {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ} وقوله {وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ} الأحقاف: ١١).
الكشف والبيان للثعلبي (١) / ١٣٣ (٢)
الدراسة
سبق في سورة الأعراف (٣) معرفة المثل وأن ثاني قسميه هو الأمثال الكامنة. (٤) الجهل: نقيض العلم، تقول: جَهَل فلانٌ حقه وجَهِل عليَّ، وجهل بهذا الأمر، والجهالة: أن تفعل فعلاً بغير عِلْم. (٥)
وقد كان وما زال دأب أهل التقليد العناد إذا أحسوا بما لا يوافق هواهم وما نشأوا عليه وما ألفوه، وإن كان أضوأَ من الشمس في ظهور صحته، أنكروه ولأول وهلة واشمأزوا منه قبل أن يدركوه ويحيطوا به علماً، بل قبل أن يحسوه بحاسة سمعهم، لأنِّه ترسخ في فكرهم صحةُ ما هم عليه، وكل هذا حصل بسبب جهلهم، فالمرء لا يزال عدواً لما جهل.
قال الشافعي: " العلم جهل عند أهل الجهل، كما أن الجهل جهل عند أهل العلم
ثم أنشأ يقول:
ومنزلةُ الفقيهِ مِنْ السَفِيهِ
كَمَنْزِلَةِ السَفِيهِ مِنَ الفَقِيهِ
فَهَذَا زَاهِدٌ فِي قُرْبِ هَذَا
(١) ذُكر هذا المثال في كتاب الأمثال الكامنة ص: ٢٧، ووافقه القرطبي في تفسيره ٨/ ٣١٠ وابن الجوزي في زاد المسير ٤/ ٣٣ والسيوطي في الإتقان ٤/ ٤٢ وينظر: التحبير ص: ٣١٥ وتفسير القرطبي ١٦/ ١٦٤.
(٢) ت: ابن عاشور.
(٣) عند آية (١٦٣) ص ١٦٩.
(٤) وهذا المثل (من جهل شيئاً عاداه) من هذا القسم، قال العجلوني: "وهو ليس بحديث" ... ينظر: كشف الخفاء ٢/ ٣٢٠.
(٥) العين/ ٢٧٠.