قوله تعالى {وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ} اختلف أهل التأويل في بيان المراد من الشاهد: فقال ابن عباس، ومجاهد، وأبو صالح، وعكرمة، والضحاك وغيرهم: أنه جبريل عليه السلام (١)، وعلى هذا القول أكثر أهل التفسير (٢).
وقال الحسين بن علي، -رضي الله عنه- أنه محمد -صلى الله عليه وسلم- (٣) وقال عليٌّ -رضي الله عنه- والحسن البصري ... وقتادة: أنه لسانه (٤).
وقال مجاهد: هو ملك يحفظه (٥)
وقال بعضهم: هو الإنجيل (٦)
وقالت فرقة: هو القرآن (٧)، وقالت أخرى: هو إعجاز القرآن. (٨).
والذي يفهم من اختيار الحسين بن الفضل جمعه بين القولين الأخيرين، ومن الواضح أن الأول متضمن للثاني وأن الثاني داخل في الأول، ويعتبر النظم جزءاً من الإعجاز، والإعجاز كائن في القرآن، والقرآن معجزُ لا محالة.
وممَّا جعل كلام الله تعالى يرتقي أعلى درجات البلاغة فيعتلي عرشها، تضمنه المعنى الكثير الذي يزيد على لفظه من غير حذف، وهذا ما يسميه البلاغيون ... " إيجاز القصر " (٩).
(١) رواه عنهم ابن جرير في تفسيره ١٢/ ٢١٢٢، وينظر: ابن أبى حاتم ٦/ ٢٠١٤.
(٢) ينظر: تفسير البغوي ٢/ ٣٩٢.
(٣) رواه عنه ابن جرير في تفسيره ١٢/ ١٢، وابن أبى حاتم في تفسيره ٦/ ٢٠١٤.
(٤) رواه عنهم ابن جرير في تفسيره ١٢/ ٢٠، وابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ٢٠١٤، وراه عن قتادة عبد الرازق في تفسيره ٢/ ٣٠٣.
(٥) رواه عنه عبد الرازق في تفسيره ٢/ ٣٠١، بلفظ (يتبع حافظ من الله) وابن جرير في تفسيره ١٢/ ٢٣، وابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ٢٠١٤، وينظر: تفسير مجاهد ١/ ٣٠٢.
(٦) ينظر: معاني القرآن للفراء ٢/ ٦ والمحرر الوجيز ٣/ ١٥٧ وزاد المسير ٦/ ٨٦ والبيان في غريب إعراب القرآن ٢/ ٩.
(٧) ينظر: معاني القرآن للنحاس ٣/ ٣٣٧، والمحرر الوجيز ٣/ ١٥٧، وتفسير القرآن العظيم للعز بن عبد السلام ١/ ١٠٤، ت عبد الفتاح با فرج: ج: أم القرى، والتسهيل لعلوم التنزيل ٢/ ١٠٣.
(٨) ينظر: المحرر الوجيز ٣/ ١٥٧، وتفسير القرآن العظيم للعزِّ بن عبد السلام ١/ ١٠٤.
(٩) ينظر: في هذا القسم من الإيجاز: الإيضاح في علوم البلاغة للخطيب القزويني ١٨٤ - ١٨٧، والمثل السائر لابن الأثير ٢/ ١١٥ - ١١٨، البلاغة فنونها وأفنانها للدكتور فضل عباس ... ص: ٤٧٠ - ٤٧٧.