وكذلك في الأثر الذي روي عن الربيع عن أبي العالية، في قول الله تعالى {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} قال: فاتحة الكتاب سبع آيات، قلت للربيع: إنهم يقولون: السبعَ الطِوَلَ. فقال: لقد أنزلت هذه وما أنزل من الِطَوَلِ شيء. (١) إلماحة إلى نزولها مرتين لأن قول من قال: إن السبع المثاني هي السبع الطوال (٢). يشير إلى أنها قد تكون نزلت مرة ثانية في المدينة ـ والعلم عند الله ـ.
مع أن البغوي ــ رحمه الله ــ أشار إلى هذا القول بصيغة التضعيف (قيل) (٣)، وقال ابن حجر في (الفتح): " وحكى القرطبي أن بعضهم زعم أنها نزلت مرتين" (٤) والله أعلم بالصواب.
وأما قوله (من أوائل ما نزل) فهذا كذلك محتمل، وقد ناقشتُ في سورة الفاتحة. (٥) كونها أول ما نزل، وأن هذا خلاف الصحيح وأن أول ما نزل (اقرأ). لكن قد تكون الفاتحة من أوائل ما نزل بعد (اقرأ) و (المدثر) ـ والله أعلم ـ.
وسبق أن أوردت ما روي عن أبي ميسرة في كون الفاتحة هي أول ما نزل، قال عنه البيهقي: " فهذا منقطع ـ يعني هذا الحديث ـ فإن كان محفوظاً فيحتمل أن يكون خبراً عن نزولها بعد ما نزلت عليه {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} العلق: ١، و {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} المدثر: ١ والله أعلم " (٦).
وقوله (كل مرة معها سبعون ألف ملك) (٧).
لم أجد من قال بهذه المقولة في نزول سورة الفاتحة سوى الحسين؛ إلا أنها رويت في فضل سورة الأنعام. (٨)
(١) رواه عنه ابن جرير في تفسيره ١٤/ ٦٨ وابن أبي حاتم في تفسيره ٧/ ٢٢٧٢.
(٢) ينظر إلى من قال بذلك: تفسير ابن جرير ١٤/ ٦٣ - ٦٦.
(٣) تفسيره ١/ ١.
(٤) / ٢٠١.
(٥) في بداية سورة الفاتحة عند قول الحسين (لأنها أول ما نزل من السماء)
(٦) دلائل النبوة ٢/ ١٥٩.
(٧) ذكر الشيخ سليمان الجمل في الفتوحات الألوهية ٤/ ١٩٧ في سبب تسمية الفاتحة بالمثاني: ... " وقيل: لأنها نزلت مرتين مرة بمكة وبالمدينة معها سبعون ألف ملك ".
(٨) من الروايات: ما رواه أبو عبيد في (فضائل القرآن) ٢/ ٤٧، عن ابن عمر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (نزلت علي سورة الأنعام جملة واحدة يشيعها سبعون ألف ملك لهم زجل بالتسبيح والتحميد).
للاستزادة، ينظر: مجمع الزوائد ٧/ ١٩/ ٢٠، والدر المنثور ٣/ ٢٤٣/ ٢٤٤