قال السمين الحلبي: " وهذه اللام يجوز أن تتعلق بفعل مقدر كما تقدم في قول الطبري (١)، وإما بمحذوف على أنها خبر لمبتدأ محذوف، تقديره: فلها الإساءة لا لغيرها ". (٢)
الثالث: بمعنى على، أي: (فعليها) (٣) كقوله تعالى {وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} (٤) البقرة: ٢٨٦
ونحو سلام لك أي سلام عليك. (٥)
قال ابن كثير: " أي فعليها؛ كما قال: تعالى {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا} فصلت: ٤٦ (٦)
وقال الشِّنقيطي ـ رحمه الله ـ: " بمعنى على، أي فعليها، بدليل قوله {وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا} ومن إتيان اللام بمعنى على قوله تعالى {وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ .. } الإسراء: ١٠٩ الآية أي عليها. وقوله: ({فَسَلَامٌ لَكَ} الواقعة: ٩١ الآية أي سلام عليك ... والتعبير بهذه اللام في هذه الآية للمشاكلة كما قدمنا في نحو {وَجَزَاؤُا سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ} الشورى: ٤٠.
({فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ} البقرة: ١٩٤ الآية (٧).
وتقدير جمهور العلماء – مع اختلافهم فيه – مخالف لما ذهب إليه الحسين، وتبعه عليه السمرقندي فقال: " وإن أسأتم أي: أشركتم بالله فلها رب يغفر لها " (٨).
وقول الحسين ـ رحمه الله ـ يخالف سياق الآية، فلو تُدُبِّر لوُجِدَ أنه لا يدل على تقدير الحسين وذلك؛ لأن السياق سياق تهديد لا ترغيب فنذهب به إلى ما ذهب به الحسين، ومن المعلوم أن حذف جواب الشرط يدل على تعظيم الأمر وشدته في مقامات الوعيد، فحذف الجواب في مثل هذا أولى من ذكره، ليدل على عظمة المقام أنه لهوله وفظاعته لا يُعبَّر عنه (٩)
(١) تقدير الكلام عند الطبري: (فإليها ترجع الإساءة).
(٢) الدر المصون ٤/ ٣٧٣.
(٣) ينظر: تفسير البغوي ٢/ ٦٧٠ وتفسير السمعاني ٣/ ٢٢٠ وزاد المسير ٥/ ١٠ و تفسير القرطبي ١٠/ ١٩٢ والتبيان في إعراب القرآن ٢/ ٨١٣ والبحر المحيط ٦/ ١٠ والدر المصون ٤/ ٣٧٢.
(٤) ينظر: التبيان في إعراب القرآن ٢/ ٨١٣.
(٥) تفسير القرطبي ١/ ١٩٢.
(٦) تفسيره ٣/ ٢٥.
(٧) أضواء البيان ٣/ ٣٦٩.
(٨) تفسيره ٢/ ٣٠٢.
(٩) ينظر في هذه القاعدة المذكورة: القواعد الحسان ص: ٤٦/ ٤٧