قال الشنقيطي - رحمه الله - " أمر الله جلّ وعلا في هذه الآية الكريمة الناس على لسان نبيه -صلى الله عليه وسلم-، لأن أمر القدرة أمر لا تباعه .. أن يقول (الحمد لله)
أي كل ثناء جميل لائق بكماله وجلاله، ثابت له، مبيناً أنه منزَّه عن الأولاد والشركاء والعزة بالأولياء، سبحانه وتعالى عن ذلك كله علواً كبيراً " (١).
قال تعالى {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا} الإسراء: ١١١
٥٢ قال الحسين بن الفضل: (ولم يكن له وليٌ من الذل) يعني من لم يذل فيحتاج إلى ولي ولا ناصر لعزته وكبريائه).
الجامع لأحكام القرآن ١٠/ ٢٩٩.
الدراسة
يبين تعالى أنه لم يكن له حليف حالفه من الذل الذي به، لأن من كان ذا حاجة إلى نصرة غيره وإعانته، فذليل مهين، ولا يكون من كان ذليلاً مهيناً يحتاج إلى ناصر ومعين (إلهاً يطاع) (٢).
وعند مجاهد (ولم يكن له وليٌّ من الذل) قال: لم يحالف أحداً، ولا يبتغي نصر أحد. (٣)
وقال الزجاج: " أي لم يحتج إلى أن ينتصر بغيره. " (٤)
وقال ابن كثير: " أي ليس بذليل فيحتاج أن يكون له وليٌّ أو وزير أو مشير، بل هو تعالى خالق الأشياء وحده لا شريك له ومدبرها ومقدرها بمشيئته وحده لا شريك له " (٥).
فالله سبحانه هو الغالب على أمره، العزيز الحكيم، وهو سبحانه وتعالى القاهر فوق عباده الذي لا يذل فيحتاج إلى ولي يُعزُّ به فإنه الغني الحميد. بخلاف المحتاج إلى ولي يمنعه من الذل وينصره ويعينه.
وبهذا فالمعنى الذي ذكره الحسين معنى صحيح في تفسيره الآية، وهو قريب من المعنى الذي نسبه البغوي إلى مجاهد في تفسيره، فقال البغوي: " قال مجاهد: لم يذلَّ ويحتاج إلى وليّ يتعزز به " (٦).
وقد سمى الرسول -صلى الله عليه وسلم- هذه الآية في الإسراء بآية العز (٧).
(١) الأضواء ٣/ ٥٧٧.
(٢) ينظر: تفسير الطبري ١٥/ ٢١٧.
(٣) رواه عنه ابن جرير في تفسيره ١٥/ ٢١٧، وينظر: تفسير ابن كثير ٣/ ٦٩.
(٤) معاني القرآن وإعرابه ٣/ ٢٦٥.
(٥) تفسيره ٣/ ٦٩.
(٦) تفسيره ٢/ ٧٢٥
(٧) روى الإمام أحمد في مسند هـ ح: ١٥٧١٩ ص: ١٠٩٧ والطبراني في الكبير ٢٠/ ١٩٢/ ٤٢٩ عن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: آية العز {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا} الآية كلها