وقال تعالى {وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ} ... الشعراء: ٩.
قال ابن كثير: " أي كلما جاءهم كتاب من السماء أعرض عنه أكثر الناس " (١) وخصّت آية الأنبياء التي معنّا (القرآن الكريم). والله تعالى أعلم.
٣ - ذهاب جمع من المفسرين إلى أن المراد بالذكر هنا هو (القرآن) ومنهم من أطبقت الأمة على تقدمه في التفسير.
قول الحسين (يدل عليه قوله في سياق الآية {هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} الأنبياء: ٣ ولو أردا بالذكر القرآن لقالوا {إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} الأنعام: ٢٥.
تبين سابقاً أن هذه القرينة أبعد من القرينة الملاصقة لكون المراد هو القرآن وهذه الآية هي متناسقة مع سياقها، فالمراد أنّ الذين ظلموا قالوا فيما بينهم خفية {هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} يعنون الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فهم يستبعدون كونه نبياً لأنه بشر مثلهم فكيف اختص بالوحي دونهم ولهذا قال {أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ} الأنبياء: ٤ (٢)
وقوله: (ودليل هذا التأويل أيضا قوله {وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (٥١) وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ} القلم: ٥١ - ٥٢ يعني محمد -صلى الله عليه وسلم-.
هاتان الآيتان جاءتا بعد قوله تعالى {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (٥١) وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ} القلم: ٥١ - ٥٢
قال ابن عباس: يقول: يَنْفُذونك بأبصارهم من شدة النظر.
وقال قتادة: لينفذونك بأبصارهم معاداةً لكتاب الله ولذكر الله (٣).
(١) تفسيره ٣/ ٣٣١.
(٢) ينظر في تفسير الآية هذا: تفسير ابن كثير ٣/ ١٧٣.
(٣) رواه عنهما ابن جرير في تفسيره ٢٩/ ٥٦.