وقال أبو عثمان النيسابوري (١): هو القلب السالم من البدعة المطمئن إلى السنة. (٢)
والظاهر والله أعلم أنه لا منافاة بين هذه الأقوال، لأنها من الألفاظ الجوامع وهذا من أعظم الأدلة على أنه تنزيل من حكيم حميد.
وقد ذكر فيها شيخ الإسلام ابن تيمية كلاماً، فقال: " وهو سلامة القلب عن الاعتقادات الفاسدة، والإرادات الفاسدة، وما يتبع ذلك. (٣)
وقال تلميذه ابن القيم: " وقد اختلفت عبارات الناس في معنى القلب السليم، والأمر الجامع لذلك، أنه قد سلم من كل شهوة تخالف أمر الله ونهيه ومن كل شبهة تعارض خبره ... " (٤).
وأما ما فسّر به الحسين ـ رحمه الله ـ الآية فهو من باب المثل لنوع من أنواع سلامة القلب. ولعل تقييده هذا المعنى بقوله (آفة) لكي يخرج المال والبنون الذين كانوا سبباً في نفع أصحابهم.
كمن أنفق ماله في وجوه الخير أو من خلَّف ولداً صالحاً يدعو له.
وربما كان السبب في ذكر الحسين هذا المعنى في الآية مراعاته للناحية الإعرابية (٥) لأن قوله {إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} استثناء وقد قال قبله {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ}، وعلى كل حال فمن نجا من كون ماله وولده سبباً في هلاكه فقد سلم.
(١) واسمه سعيد بن إسماعيل الحيري الحافظ الكبير، روى عنه الحاكم كثيراً، وقال: صنف التفسير الكبير والصحيح المخرج على كتاب مسلم وغير ذلك، استشهد بطرسوس سنة ٣٥٣ هـ. ينظر: تذكرة الحفاظ (٣/ ٩٢٠)، والرسالة المستطرفة (ص: ٢٨).
(٢) ينظر: الكشف والبيان ٢/ ٧٥٩ بنفس التحقيق السابق الذي نقلت عنه قول الحسين، وتفسير البغوي ٣/ ٣٦٣، وتفسير القرطبي ١٣/ ١٠٧، وتفسير ابن كثير ٣/ ٣٣٩.
(٣) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ١٠/ ٣٣٧.
(٤) إغاثة اللهفان ص: ١١.
(٥) يراجع في الأوجه الإعرابية: إملاء ما منَّ به الرحمن ٢/ ١٦٨ والدر المصون ٥/ ٢٧٨/ ٢٧٩.