وقال أبو حيان " وذكر المفسرون في {حم (١) عسق} أقوالاً مضطربة لا يصح منها شيء كعادتهم في هذه الفواتح ضربنا عن ذكرها صفحاً (١).
قال الرازي: " اعلم أن الكلام في أمثال هذه الفواتح معلوم إلا أن في هذا الموضع سؤالين زائدين:
الأول: أن يقال إن هذه السور السبعة مُصدَّرةٌ بقوله (حم) فما السبب في اختصاص هذه السور بمزيد (عسق).
الثاني: أنهم أجمعوا على أنه لا يفصل بين (كهيعص) وههنا يُفصل بين (حم) وبين (عسق) فما السبب فيه:
اعلم أن الكلام في أمثال هذه الفواتح يضيق ويفتح باب المجازفات مما لا سبيل إليه فالأولى أن يفوض علمها إلى الله. (٢)
وهذا الذي أميل إليه في هذه المسألة وتطمئن إليه نفسي ـ والله أعلم ـ
قال تعالى: {اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ} الشورى: ١٩
٧٤ قال الحسين بن الفضل: (في القرآن وتيسيره)
الكشف والبيان للثعلبي (٣) / ٣٠٨ (٤)
الدراسة
يقال لَطَف به وله بالفتح يَلْطفُ لُطفاً إذ ارفق به (٥)، واللطف: البر والتكرمة وأم لطيفة بولدها تُلْطف إلطافاً ... وأنا لطيف بهذا الأمر، أي رفيق بمداراته (٦) ولَطُف الشيء يلْطُفُ لطَافة: أي صغُر فهو لطيف (٧).
وأصل اللطف في الكلام خفاء المسلك ودقة المذهب (٨) واللطيف من الكلام ما غمض معناه وخفي (٩)
واللطيف اسم فاعل من لطف، وهو من أسماء الله عزَّ وجلَّ وقد ورد في القرآن الكريم سبع مرات (١٠)
(١) البحر المحيط ٧/ ٤٨٦، وقد ساق ابن جرير في تفسيره ٢٥/ ١١ أثراً عن حذيفه بن اليمان في تفسير قوله {حم (١) عسق} قال عنه ابن كثير في تفسيره ٤/ ١٠٥ " أثراً غريباً عجيباً منكراً .. " وينظر: أضواء البيان ٧/ ٤١٨/ ٤١٩.
(٢) تفسيره ٢٧/ ١٢٢.
(٣) وافقه القرطبي في تفسيره ١٦/ ١٧ بقوله (وقال الحسين بن الفضل: لطيف بهم في القرآن وتفصيله وتفسيره)
(٤) ت: ابن عاشور.
(٥) لسان العرب (لطف).
(٦) العين ٤/ ٨٦.
(٧) الصحاح (لطف) وينظر: لسان العرب (لطف).
(٨) تفسير أسماء الله الحسنى للزجاج ص: ٤٤.
(٩) لسان العرب (لطف).
(١٠) هي (الأنعام: ١٠٣) (يوسف: ١٠٠) (الحج ٦٣) (لقمان: ١٦) (الأحزاب: ٣٤) ... (الشورى: ١٩) (الملك: ١٤) ويراجع في أركان الإيمان بأسماء الله القواعد الحسان ص: ٨٢.