قال ابن القيم في نونيته:
وَهْوَ اللَّطيفُ بعَبْدهِ وَلعبْدِهِ ... واللُّطْفُ في أوْصَافه نَوْعَانِ
إِدْرَاكُ أسْرَارِ الأُمُورِ بِخِبْرَةٍ ... وَاللُّطْفُ عِنْدَ مَواقعِ الِإحْسَانِ
فَيُرِيكَ عِزَّتَهُ وَيُبْدِي لُطْفَهُ ... وَالْعَبْدُ في الْغَفَلَاتِ عنْ ذَا الشَّانِ (١)
قال الخطابي: " (اللطيف) هو البَرُّ بعباده، الذي يلطف لهم من حيث لا يعلمون، ويسبِّب لهم مصالحهم من حيث لا يحتسبون كقوله سبحانه {اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ} الشورى: ١٩ (٢)
وقال الراغب: " وقد يُعبَّر باللطائف عما لا تدركه الحاسة، ويصح أن يكون وصف الله تعالى به على هذا الوجه وأن يكون لمعرفته بدقائق الأمور، وأن يكون لرفقه بالعباد في هدايتهم، قال تعالى: {الله لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ} {إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ} يوسف: ١٠٠ (٢)
وفي قوله تعالى {اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ}
قال ابن عباس حفيَّ بهم
وقال عكرمة: بارٌّ بهم
وقال السدي: رفيق
وقال مقاتل: لطيف بالبرِّ والفاجر، حيث لم يهلكهم جوعاً بمعاصيهم، يدل عليه قوله: {يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ} وكل من رزقه الله من مؤمن وكافر وذي روح فهو ممكن يشاء الله أن يرزقه.
وقال: جعفر الصادق: اللطف في الرزق من وجهين، أحدهما: أنه جعل رزقك من الطيبات.
والثاني: أنه لم يدفعه إليك بمرة واحدة (٣)
وذكر الزجاج أن وصف الله بهذا الوصف يفيد أنه المحسن إلى عباده في خفاء وستر من حيث لا يعلمون، ويسبب لهم أسباب معيشتهم من حيث لا يحتسبون وهذا مثل قوله تعالى: {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} الطلاق: ٣ (٤)
(١) ينظر في هذه الآبيات وشرحها القصيدة النونية للشيخ خليل هرَّاس ٢/ ١٠٠/ ١٠١، ويراجع في معنى اللطف وأثر الإيمان به: النهج الأسنى للنجدي ١/ ٢٥٩ - ٢٦٥.
(٢) شأن الدعاء ص: ٦٢.
(٣) المفردات ص: ٤٥٤.
(٤) ينظر: تفسير البغوي ٤/ ٧٨/ ٧٩ وتفسير القرطبي ١٦/ ١٦/ ١٧ وفي بعض هذا فتح القدير ٤/ ٦٥٩.
(٤) ينظر: تفسير أسماء الله الحسنى ص: ٤٤.