قال البغوي: " قلتُ: ذكرهم الله على التخصيص في قوله {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} الأحزاب: ٧ وفي قوله تعالى {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى} الشورى: ١٣ " (١)
قال الشنقيطي: " وأشهر الأقوال في ذلك أنهم خمسة .. هم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام، وعلى هذا القول فالرسل الذين أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يصبر كما صبروا أربعة فصار هو -صلى الله عليه وسلم- خامسهم" (٢)
وعلى هذا تكون (مِن) في قوله: {مِنَ الرُّسُلِ} تبعيضية (٣) وهذا ما يدل عليه قول الحسين، وعليه فالرسل أولو عزم وغير أولي عزم (٤).
قال ابن عطية: " وقوله {مِنَ الرُّسُلِ} من للتبعيض، والمراد من حُفظت له مع قومه شدة ومجاهدة كنوح وإبراهيم وموسى وعيسى وغيرهم صلى الله عليهم هذا قول عطاء الخرساني وغيره .. " (٥)
وقد يحتمل أن يكون المراد بأولي العزم جميع الرسل فتكون (من) في قوله {مِنَ الرُّسُلِ} لبيان الجنس والله أعلم. (٦)
وقد قال ابن زيد: كل الرسل كانوا أولي عزم لم يتخذ الله رسولاً إلا كان ذا عزم، فاصبر كما صبروا. (٧)
ولا يخفى أنه على هذا القول يصح قول الحسين ـ رحمه الله ـ فكل الرسل أولو عزم، ثم يقال: إنَّ من هؤلاء من هو أخصُّ بهذه الصفة من غيرهم، وهم الخمسة، والله أعلم.
(١) / ١٥٠ وينظر: تفسير ابن كثير ٤/ ١٧٢.
(٢) أضواء البيان ٧/ ٤٠٨.
(٣) ينظر: تفسير الرازي ٢٨/ ٣٠ والبحر المحيط ٨/ ٦٨ والدر المصون ٦/ ١٤٥.
(٤) ينظر: الدر المصون ٦/ ١٤٥.
(٥) المحرر الوجيز ٥/ ١٠٧.
(٦) تفسير ابن كثير ٤/ ١٧٢ وينظر: تفسير الرازي ٢٨/ ٣١ وتفسير القرطبي ١٦/ ١٨٨ والدر المصون ٦/ ١٤٥.
(٧) رواه عنه ابن جرير في تفسيره ٢٦/ ٤٥.