سورة الذاريات
قال تعالى {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ} الذاريات: ٥٠
٨٢ قال الحسين بن الفضل (احترزوا من كلِّ شيء دون الله، فمن فرَّ إلى غيره لم يمتنع منه)
الكشف والبيان للثعلبي (١) / ٢٤٧ (٢)
الدراسة
قوله تعالى: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ}
الفاء والراء أصول ثلاثة، فالأول الانكشاف وما يقاربُه من الكشف عن الشيء والثاني: جنس الحيوان، والثالث: دال على خفة وطيش.
فالأول قولهم: فرَّ عن أسنانه، وافترَّ الإنسان إذا تبسَّم.
والأصل الثاني: الفَرير: ولد البقرة
والثالث: الفرْ فَرة: الطيش والخفة. (٣)
وقال الجوهري: " فرَّ يفِرُّ فِرَارًاً: هرب ". (٤)
وقال البخاري: " من الله إليه " (٥)
وفسره الفراء: من معصيته إلى طاعته (٦) وابن جرير بقوله: " فاهربوا أيها الناس من عقاب الله إلى رحمته بالإيمان به، واتباع أوامره، والعمل بطاعته " (٧).
وقال الزجاج: " المعنى: ففروا إلى الله من الشرك بالله ومن معاصيه إليه " (٨)
قال النحاس: " أي إلى طاعته ورحمته من معصيته وعقابه " (٩)
وقال السمعاني: " أي من معصيتة إلى طاعته ويقال من سخطه إلى رحمته ومن عقابه إلى عفوه " (١٠).
وذكر المفسرون معاني كلها تدور حول ما ذُكر (١١).
ولم يذكر هنا تعالى ذكره الذي منه الهروب. ليكون ـ والعلم عند الله ـ عاماً كأنه يقول: كلُّ ما عدا اللهَ عدوُّكم، ففروا إلى الله من كل ما عداه (١٢).
(١) وافقه القرطبي في تفسيره ١٧/ ٤٩ والشوكاني في فتح القدير ٥/ ١١٣.
(٢) ت: فريدة بنت محمد الغامدي، ج: أم القرى
(٣) مقاييس اللغة ٤/ ٤٣٨/ ٤٣٩. مختصراً وينظر: الصحاح (فرر).
(٤) الصحاح (فرر)
(٥) كتاب (التفسير) سورة الذاريات ص: ٨٥٩.
(٦) ينظر: معاني القرآن ٣/ ٨٩ و فتح الباري ٨/ ٧٧١.
(٧) تفسير ٢٧/ ١٤، وينظر: تفسير البغوي ٤/ ٢٣٤.
(٨) معاني القرآن وإعرابه ٥/ ٥٨.
(٩) إعراب القرآن ٤/ ١٦٧.
(١٠) تفسيره ٥/ ٢٦٣.
(١١) على سبيل المثال ينظر: تفسير السمرقندي ٣/ ٣٣٠ وتفسير النسفي ٤/ ١٨١ وزاد المسير ٨/ ٤١ وتفسير الجلالين ص: ٦٩٦.
(١٢) ينظر: تفسير الرازي ٢٨/ ١٩٥.