(وربَّ فلان ولده يَرُبُّهُ رَبَّاً ورَبَّبهُ تَرَبَّبه أي ربَّاهُ) (١) والله سبحانه وتعالى هو المربي لجميع خلقه بنعمه، فالكل محتاج إليه حتى الكافر في وقت شدته وكربه، فليس ذلك إلا الله وحده. فهو الرب الثابت من غير إثبات أحد حتى قال بعض العلماء: (إن هذا الاسم هو اسم الله الأعظم لكثرة دعوة الداعين به وتأمل هذا في القرآن كما في آخر " آل عمران " وسورة " إبراهيم " وغيرهما، ولما يشعر به هذا الوصف من الصلة بين الرب والمربوب مع ما يتضمنه من العطف والرحمة والافتقار في كل حال) (٢).قال تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} الفاتحة: ٢.
٧ قال الحسين بن الفضل
(العالَمون: الناس).
الكشف والبيان للثعلبي (٣) (٤) / ٥٢٢
وقال: (أهلُ كل زمان عالم).
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ١/ ١٨٣ وفتح القدير للشوكاني (٥) / ٢٦.
الدراسة
والعالمون جمع عالم والعالم جمع لا واحد له من لفظه (٦).
للعالمين عند المفسرين عدة معاني:
* قال ابن عباس: العالم الجن والإنس.
* قال الفراء (٧) وأبو عبيدة (٨): العالم عبارة عمَّا يعقل وهم الإنس والجن والملائكة والشياطين، ولا يقال للبهائم عالم، لأنَّ هذا الجمع إنما هو جمع من يعقل خاصَّة.
ويظهر أنَّ مرادهم به هنا تقسيم العالمين في هذا الموطن لا غير، إذ إنه جاء على جمع ما يعقل، أمّا لو جاء على لفظ (العالم) لشمل جميع الخلق بلا استثناء، وهذا صحيح من جهة اللغة، لكن قد جاء أيضاً شمول غير العقلاء بهذا الجمع، ويكون من باب تغليب العقلاء، ويجوز حمل هذا الموطن على هذا الأسلوب كما جاء هذا الجمع لمن لا يعقل إذا
(١) ينظر: الصحاح (ربب)
(٢) تفسير القرطبي ١/ ١٨٢، وينظر: تفسير ابن كثير ١/ ٢٣.
(٣) وافقه أبو حيان في البحر المحيط ١/ ١٣٠.
(٤) ت: خالد العنزي، ج: أم القرى ١/ ٧٣
(٥) الشوكاني: محمد بن علي بن محمد الشوكاني، من علماء اليمن، صاحب فنون، وله عدة مؤلفات شهيرة، منها: فتح القدير، نيل الأوطار وغيرهما، توفي سنة (١٢٥٠ هـ). ينظر: الأعلام (٦/ ٢٩٨).
(٦) جامع البيان في تأويل آي القرآن للطبري ١/ ٧٣.
(٧) أبو زكريا، يحيى بن زياد بن عبد الله الفراء، له كتاب معاني القرآن و المصادر في القرآن ... توفي سنة (٢٠٧ هـ). ينظر: معجم الأدباء (٢٠/ ٩)، كشف الظنون (٢/ ١٧٣٠)
(٨) معمر بن المثنى اللغوي، أبو عبيدة البصري، له كتاب مجاز القرآن وغريب القرآن،، توف سنة (٢١٠ هـ). ينظر: معجم الأدباء (١٩/ ١٥٤)، كشف الظنون (٢/ ١٧٣٠).