وهذا النوع من الهداية بيان خاصُّ؛ لأنه بيان مستلزم للهداية الخاصَّة، وهو بيان تقارنه العناية والتوفيق (١) لذا عبَّر عنه الحسين بأنه هداية التوفيق والتسديد.
وقد نفى الله هداية التوفيق عن نبيه -صلى الله عليه وسلم- في قوله تعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} القصص: ٥٦، وأثبتها لنفسه. وأثبت لنبيه -صلى الله عليه وسلم- الهداية في قوله {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} الشورى: ٥٢ والمثبت له من الهداية غير المنفيِّ، فالمثبت هو البيان والإرشاد، وهذا النوع من الهداية يشمل جميع من يدعو إلى الله.
في قوله تعالى {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (٧)} الفاتحة: ٧.
١٠ قال الحسين بن الفضل
(يعني أتممت عليهم النعمة فكم من منعم عليه محروب (٢) أو مسلوب)
الكشف والبيان للثعلبي ٢/ ٥٧٧ (٣).
الدراسة
جمهور المفسرين على أنه أراد بالصِّراط: صراط النَّبيِّين والصديقين والشهداء والصالحين والذين أنعم الله عليهم الوارد ذكرها في قوله تعالى في سورة النساء: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} (٤) النساء: ٦٩، قال القرطبي: (وجميع ما قيل إلى هذا يرجع فلا معنى لتعديد الأقوال والله المستعان) (٥).
(١) ينظر في هذا: مدارج السالكين لابن القيم ١/ ٣٢، وقد ذكر فصلاً نافعاً ومهماًّ في الهداية في أول كتابه.
(٢) المحروب هو المسلوب، والحرب بالتحريك: نهب مال الإنسان وتركه لا شيء له ... النهاية لابن الأثير ص: ١٩٥.
(٣) ت: خالد العنزي، ج: أم القرى.
(٤) ينظر: تفسير الطبري ١/ ٨٧، وتفسير البغوي ١/ ٦، وتفسير ابن كثير ١/ ٢٨، وأضواء البيان للشنقيطي ١/ ٣٥، للاستزادة ينظر: بدائع الفوائد لابن القيم ٢/ ٢٨.
(٥) تفسيره ١/ ١٩٣.