قال السدي (١): {وَهُمْ يَعْلَمُونَ} أنهم قد أذنبوا ثم أقاموا ولم يستغفروا (٢).
وقال ابن إسحاق (٣): {وَهُمْ يَعْلَمُونَ} ما حرمت عليهم من عبادة غيري (٤).
وقال الضحاك: {وَهُمْ يَعْلَمُونَ} أن الله يملك مغفرة الذنوب (٥)
وقيل: {وَهُمْ يَعْلَمُونَ} أي يذكرون ذنوبهم فيتوبون منها (٦).
قال النحاس: " وهو قول حسن " (٧).
قال أبو حيان في تخريج هذا القول: " فأطلق اسم العلم على الذِّكر لأنه من ثمرته" (٨).
وهنا تتجلى قاعدة مهمة تتعلق في تفسير القرآن وهي حذف المتعلق المعمول فيه يفيد تعميم المعنى المناسب له.
وفي الحقيقة هي قاعدة مفيدة جداً، متى اعتبرها الإنسان في الآيات القرآنية أكسبته فوائد جليلة، وذلك أن الفعل، أو ما هو في معناه متى قُيِّد بشيء تقيَّد به، فإذا أطلقه الله تعالى، وحذف المُتَعَلق فعمم ذلك المعنى، ويكون الحذف هنا أحسن وأفيد كثيراً من التصريح بالمُتَعَلِّقَات، وأجمع للمعاني النافعة (٩).
وأقول ــ والعلم عند الله ــ أنه يظهر من جميع عبارات السلف أنهم يذهبون إلى العموم، ويدخل قول الحسين ـ رحمه الله ـ كغيره في هذا العموم، ويُلاحظ أن قول مجاهد وعبد الله بن عبيد والضحاك متضمن لقول الحسين ـ رحمه الله ـ.
(١) السدي: إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السدي، أبو محمد الكوفي، صاحب التفسير المشهور باسمه، من التابعين، توفي سنة (١٢٧ هـ). ينظر: السير (٥/ ٢٦٤)، التقريب (٤٦٣).
(٢) رواه عنه ابن جرير في تفسيره ٤/ ١٢٦ وابن أبى حاتم في تفسيره ٢/ ٥٥٧ ت: حكمت بشير ياسين.
(٣) ابن إسحاق: محمد بن إسحاق بن يسار، أبو بكر المطلبي مولاهم، المدني، إمام المغازي، له كتاب " السيرة "، توفي سنة (١٥٠ هـ)، ينظر: السير (٧/ ٣٣)، التقريب (٥٧٢٥).
(٤) رواه عنه ابن جرير في تفسيره ٤/ ١٢٦، وابن أبى حاتم عنه في تفسيره ٢/ ٥٥٧ ت: حكمت بشير ناسين، وابن المنذر في تفسيره ص: ٣٨٨، وابن إسحاق، ينظر: سيرة ابن هشام ٣/ ١٠٩.
(٥) ينظر: تفسير البغوي ١/ ٤٢١.
(٦) ينظر: إعراب القرآن للنحاس ١/ ١٨٠، وتفسير القرطبي ٤/ ٢٠٩، والبحر المحيط ٣/ ٦٥.
(٧) إعراب القرآن للنحاس ١/ ١٨٠.
(٨) البحر المحيط ٣/ ٦٥.
(٩) ينظر: القواعد الحسان للسعدي ص: ٤٣.