وقال الرازي (١): (أي بخير منها لكم؛ لأنه إن كان أخف كان خيراً في الدنيا والآخرة، وإن كان أشد كان خيراً في الآخرة لامتثال أمر الله تعالى فيه) (٢).
المسألة الثانية:
هل يستفاد من هذا المعنى تفاضل كلام الله؟.
الخلاف في هذه المسألة مبسوط في المطولات، وهي مسألة مشهورة عند المتقدمين، هل كلام الله يتفاضل أم لا؟ على قولين:
فالقول الأول: أنه لا يتفاضل؛ وهو قول ابن عقيل وما ذهب إليه ابن جرير الطبري (٣)،
وأبو بكر الجصاص (٤)، وجماعة من الفقهاء.
ودليلهم: أن القرآن كله كلام الله فهو صفة من صفاته فلا تحتمل التفاضل.
والقول الثاني: أنه يتفاضل، وبهذا قال أبو بكر بن العربي (٥)، والقرطبي، وابن تيمية، وكثير من أهل العلم.
ومن أدلتهم: حديث أبي بن كعب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " يا أبا المنذر: أتدري أي آية من كتاب معك الله أعظم؟ " قال: قلت: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} البقرة:٢٥٥، قال: فضرب في صدري، وقال: " لِيُهنِك العلم أبا المنذر " (٦).
(١) هو زين الدين أبو عبدالله محمد بن أبي بكر بن عبدالقادر الرازي، من مصنفاته: تفسير غريب القرآن العظيم، ومختار الصحاح، وغيرها، واختلف في سنة وفاته لكنها بعد ٦٦٦ هـ، ينظر: مقدمة محقق تفسير غريب القرآن العظيم د. حسين ألمالي.
(٢) تفسير غريب القرآن العظيم ص ٢٠٦، وذكر مثله القرطبي في الجامع لأحكام القرآن ٢/ ٤٨، والفيروزابادي في بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز ٢/ ٥٧٣.
(٣) ينظر: جامع البيان ٢/ ٤٠٣.
(٤) ينظر: أحكام القرآن ١/ ٧٢.
(٥) وممن نسب له الاختيار القرطبي في تفسيره ١/ ٧٨.
(٦) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين باب فضل سورة الكهف وآية الكرسي (٨١٠).