وتفسير الفرض بالواجب في هذه الآية هو ما حكى الطبري عليه الإجماع فقال: (وقد اختلف أهل التأويل في المعنى الذي يكون به الرجل فارضاً الحج، بعد إجماع جميعهم على أن معنى الفرض: الإيجاب والإلزام) (١).
وقال الجصاص: (ومعنى فرض الحج فيهن: إيجابه فيهن) (٢).
وقال ابن عطية: (أي: من ألزمه نفسه) (٣).
وقال الرازي: (أي: أوجب وقطع) (٤).
وقال ابن كثير: (أي: أوجب بإحرامه حجاً) (٥).
وقال ابن منظور: (وقوله عز وجل: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} أي: أوجبه على نفسه بإحرامه) (٦).
وهنا يرد سؤال:
هل الفرض في غير هذه الآية بمعنى الواجب على الإطلاق؟ (٧).
قال ابن عقيل: (الفرض والواجب سواء في أصح الروايات عن أحمد - رضي الله عنه -، وبها قال أصحاب الشافعي (٨)، وعنه رواية أخرى: أن الفرض ما ثبت بدليل مقطوع عليه، والواجب غيره، وهو ما ثبت بخبر واحد أو قياس، فالفرض على هذه الرواية آكد من الواجب، وبها قال أبو حنيفة (٩)، وعنه: أن الفرض ما ثبت بقرآن، ولا يسمى فرضاً ما ثبت بسنة النبي - صلى الله عليه وسلم -) (١٠).
(١) جامع البيان ٣/ ٤٥٣.
(٢) أحكام القرآن ١/ ٣٦٦.
(٣) المحرر الوجيز ١/ ٢٧١.
(٤) تفسير غريب القرآن العظيم ص ٢٨١.
(٥) تفسير ابن كثير ٢/ ٥٠٦.
(٦) لسان العرب ٧/ ٢٠٢.
(٧) يراجع في هذه المسألة مفصلاً: المسودة ص ٥٠، العدة ١/ ١٦٢، ٢/ ١٧٦، روضة الناظر ١/ ٩١، شرح الكوكب المنير ١/ ٣٥١.
(٨) ينظر: المستصفى ١/ ٦٦.
(٩) ينظر: أصول السرخسي ١/ ١١٠.
(١٠) الواضح في أصول الفقه ٣/ ١٦٣.